Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مفهوم الاستدلال الحجاجي.. (8)

1. أصل الفطرة أو الطبع

ومقتضاه أن المسالك والموازين الحجاجية هي مسالك وموازين فطرية طبع البشر على التفاعل بها، فهي ليست أمرا مصطنعا أو متكلفا يحتاج إلى الترتيب والتصنيع، بل هي أمر منغرس في طبع الإنسان وسجيته.

2. أصل اللغة

ومقتضاه أنه لا غنى للمحاج عن استعمال اللغة التي يتواصل بواسطتها مع نفسه أو مع غيره، فمسالك التبليغ أو التواصل اللغوي تظل لازمة لمسالك الحجاج لزوم القرين للقرين بحيث تنطبع هذه الأخيرة بطبائع الأولى وتتصف بأوصافها، فإذا كان من خصائص اللغة الطبيعية الاشتراك والطي والمجاز.. وغيرها مما يكون سببا للالتباس والاحتمال، فإن الحجاج يظل الاستدلال الأنسب لهذه اللغة، بحيث يحفظ عليها خصائصها الجوهرية، ويصون طبيعتها حتى تبقى دائما فاعلة في مجال التواصل ومحصلة لأغراضها التخاطبية.

مفهوم الاستدلال الحجاجي.. (8)

3. أصل القيم والمقاصد

ومعناه أن كل متحاج له جملة من الأحكام والمعتقدات والقيم والمقاصد تخصه وتخص الطرف الذي يحاجه، وذلك لأن البعد القيمي أو المقصدي ينفذ إلى الممارسة الحجاجية من كل جانب ويعمل على توجيهها وإغنائها حتى يبلغ الحجاج غايته ونهايته. وبما أن القيم والمقاصد قد تكون جماعية وقد تكون فردية، وأن الفردية منها تخص كل طرف من أطراف الحجاج على حدة، فإن إمكان الاعتراض والاختلاف يظل قائما، فيتعين الحوار وسيلة مثلى للتقريب بين المتحاجين.

4. أصل الحوار

إن الحجاج يتقوم أساسا بكون استدلالا حواريا تعطى فيه الفرصة لكل طرف من أطراف الممارسة الحجاجية، قصد تبرير دعاويه وإثبات قضاياه الحجاجية، فالذات المستدلة في الحجاج لا تنفك عن استحضار الغير، كذات فاعلة وموجهة للعملية الاستدلالية (بل إن ذات المستدل قد تنشطر إلى ذاتين ذات حقيقية ناظرة وذات اعتبارية مناظرة)، وهذا الاستحضار ليس أمرا متكلفا أو كماليا، وإنما هو أمر ضروري لازم للحجاج لزوم اللغة له، وعليه فإن المناظرة تظل المنهج الأسلم والأنجع لحفظ الحجاج وتقويمه، وذلك لأنه لما كان الحجاج يتيح إمكانية المبادرة والإقدام، فلا شيء أضبط لهما من سن قواعد التحاور والتناظر، فإن ذلك أدعى للتوافق وأجلب للتقارب بين القبيلين المتحاجين..

يتبع في العدد المقبل..

أرسل تعليق