Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الأسوة آلية فعالة من آليات التخليق.. (12)

بخصوص المرجعية الدينية فإن إحلال الوحي في واقع العالمين كان هو العمل الذي قام به سيدنا رسول اللّٰه صلى الله عليه وسلم مع الجماعة المسلمة الأولى التي تعتبر جنين الأمة الفرد/الجسد؛ الأمة التي تكتمل عبر الزمن، حيث تركها عليه أزكى الصلاة والتسليم مقياسًا شاخصًا لا تتخوّفه الأحداث. فقد بدأ زرعه عليه الصلاة والسلام للآيات من نفسه الشريفة؛ “كان خلُقه القرآن[1] ثم زرعها في نفوس أصحابه الكرام رضي الله عنهم، قال تعالى: “مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّٰهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللّٰهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ اَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الاِنْجِيلِ كَزَرْعٍ اَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللّٰهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا” [الفتح، 29]، ليرفعها الأصحاب الكرام رضي الله عنهم علامات وبصائر في واقعهم، واقع المدينة المنورة والذي استحق أن يكون الوحدة القياسية وحالة السواء التي تقاس عليها التجمعات البشرية.

غير أن التعامل مع النص المؤسس عرف جملة عوارض أطرتها مشيخة علمائنا في التعامل معه، انطلاقا من القول المأثور: “يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين“، وأنه هو المرجعية للتخليق، ويمكننا المتحُ منه برشد، فهو نص تخليقي بامتياز، فكل حكم تشريعي تحته خلق كريم، وهو نص مصلحي يضع مصلحة الإنسان في اعتباره، مصلحة قد تم تأطيرها أيضا فلا هي تعارض قرآنا ولا سنة ولا قياسا ولا مصلحة أولى منها.

وقد استفرغ علماء المقاصد -من أمثال العز بن عبد السلام، وأبي إسحاق الشاطبي وغيرهما- جهودهم في الربط بين الحكم الشرعي وأبعاده الأخلاقية، ليؤكدوا مـن -خلال ذلك- على أن المقاربة التكليفية والمقاربة التخليقية للشريعة كل لا يتجزأ، وأن الوصل بين البعد التكليفي والتشريعي، والبعد التخليقي والتزكوي أصبح ضرورة لحل كثير من إشكالات الفقه والقانون والأخلاق والتربية.

يتبع في العدد المقبل..

———————————————–

1. أخرجه البخاري في (الأدب المفرد) رقم: 308، و”النَّسائي” في “الكبرى” تحفة الأشراف 17688 .

أرسل تعليق