Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

القيم الدينية بين المسالمة والحياة – الموت السريري والموت الرحيم نموذجا (3)

إن الرضا بالقتل من المقتول لا أثر له في تحريم القتل، ولا يسقط المسؤولية الجنائية عن الجاني، والقاعدة العامة في الشريعة الإسلامية أن رضا المجني عليه بالجناية لا يبيحها، فالإذن بالقتل لا يبيح القتل؛ لأن عصمة النفس لا تباح إلا بما نص عليه الشرع، والإذن بالقتل ليس منه، فكان الإذن عدما لا أثر له على الفعل، فيبقى الفعل محرما معاقبا عليه، ذلك أن الحقوق في الإسلام تنقسم إلى حق الله الخالص، وحق العبد الخالص، وما كان مشتركا بينهما، فحق الله أمره ونهيه، وحق العبد مصالحه، ومعنى حق العبد المحض ما كان له إسقاطه، بمعنى أنه لو أسقطه لسقط، وإلا فما من حق للعبد إلا وفيه حق لله تعالى، وهو أمره بإيصال ذلك الحق إلى مستحقه، فيوجد حق الله تعالى دون حق العبد، ولا يوجد حق العبد إلا وفيه حق لله تعالى، وإنما يعرف ذلك بصحة الإسقاط..

القيم الدينية بين المسالمة والحياة – الموت السريري والموت الرحيم نموذجا (3)

وقد يوجد حق الله تعالى وهو ما ليس للعبد إسقاطه، ويكون معه حق العبد، كتحريمه تعالى القتل والجرح صونا لمهجته وأعضائه ومنافعها عليه، ولو رضي العبد بإسقاط حقه في ذلك لم يؤثر رضاه، ولم ينفذ إسقاطه[1] فحق الحياة في الشريعة الإسلامية من الحقوق المدنية المرتبطة بشخص الإنسان وذاته، وهو من حق الله تعالى في العباد، لا من حقوق العباد، ولذلك يحرم الاعتداء على حياة الإنسان، أو سلامة جسده، سواء تم ذلك بطريقة عمدية أم بطريقة الخطأ. قال تعالى “وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا” [النساء، 29]، قال القرطبي رحمه الله: “أجمع أهل التأويل على أن المراد بهذه الآية النهي أن يقتل بعض الناس بعضا[2].

يتبع في العدد المقبل..

—————————————-

1. الفروق للقرافي، ج:1، ص: 140/141، التشريع الجنائي في الإسلام عبد القادر عودة، ص: 84، والمقاصد العامة للشريعة الإسلامية يوسف حامد العالم، ص: 314.

2. الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي ج: 5، ص: 156/157.

أرسل تعليق