Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

القيم الدينية بين المسالمة والحياة – الموت السريري والموت الرحيم نموذجا (2)

إن القيم الدينية –المستمدة من الإسلام- هي قيم عمق، لا قيم سطح، إذ معانيها مبثوتة في الفطرة الإنسانية، والتجربة الدينية الحية تعمل على تنمية ما تختزنه الذات الإنسانية من قيم روحية، وكمالات أخلاقية، فهي قيم عمودية تصل الإنسان بالإله خالقه، وهي قيم أفقية تصل الإنسان بالإنسان باعتبار الاشتراك في الإنسانية “يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة” [النساء، 1]، وهي قيم نفع تبتغي مصلحة الإنسان في أي زمان، وفي أي مكان، ومن ثم كل القيم التي تضر بالإنسان لاتقرها الشريعة الإسلامية.

قيمة الحياة في الإسلام

إن التغيير الذي تحدثه  القيم الدينية في الإنسان يتوجه إلى الأصل، وهو الهوية الأخلاقية للإنسان، وذلك لاستنادها إلى المبدأ التأنيسي الذي يأخذ بالمقتضيات الأخلاقية من أجل الإصلاح والتغيير، ولذلك فهي تعد قيم تأهيل، يشمل كل أفعال السلوك الإنساني، لا فرق في ذلك بين قيم الجمال التي تمد الإنسان بالرقة، أو قيم الجمال التي تمده بالقوة علما، أو فكرا أو منطقا أو صناعة.

أولا: قيمة الحياة في الإسلام

من أعظم المقاصد التي جاءت بها الشرائع دفع المظالم بين الناس، وأعظم المظالم القتل بغير حق، وهو من أكبر الكبائر، لقد حرم الإسلام الاعتداء على النفس الإنسانية بغير حق، واعتبر هذا الفعل من أعظم المفاسد على ظهر الأرض، وأنكر المنكرات بعد الكفر بالله، وجاء التحريم في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، قال تعالى: “ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق” [الاِسراء، 33]، وقال تعالى “ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق” [الفرقان، 63]، وقال تعالى “من اَجل ذلك كتبا على بني إسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس اَو فساد في الاَرض فكأنما قتل الناس جميعا، ومن اَحياها فكأنما أحيا الناس جميعا” [المائدة، 34]. وقال تعالى “ومن يقتل مومنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما” [النساء، 92].

ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم “لا يحل دم امرئ يشهد أن الإله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة[1]، قال العز ابن عبد السلام في قواعد الأحكام: المفاسد ثلاثة أقسام:

أحدها: ما يجب درؤه فإن عظمت مفسدته وجب درؤه في كل شريعة، وذلك كالكفر والقتل[2]. وقال ابن العربي في أحكام القرآن: “لم يخل زمان آدم ولازمن بعده من شرع، وأهم قواعد الشرائع حماية الدماء من الاعتداء، وحيا طته بالقصاص كفا وردعا للظالمين والجائرين، وهذا من القواعد التي لا تخلو عنها الشرائع، والأصول التي لا تختلف فيها الملل[3]، فالأصل المجمع عليه في جميع الأديان أن قتل النفس لا يجوز..

يتبع في العدد المقبل..

—————————————————–

1. رواه الجماعة، نيل الأوطار، ج: 7، ص: 7.

2. قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام، ج: 1، ص: 43.

3. أحكام القرآن لابن العربي، ج: 2، ص: 588.

أرسل تعليق