Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

التحدي وطلب المغفرة

يقول جلت قدرته “وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ايْتِنَا بِعَذَابٍ اَلِيمٍ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” [الاَنفال، 32-33].

التحدي وطلب المغفرة

سيقت الآيتان في مقام مقالي يتصل ببان المواقف العدائية التي أضمرها وأبان عنها المشركون والكفار. من ذلك مكرهم وعنادهم وصدهم المسلمين عن المسجد الحرام. وفي ذلك جاء قوله تعالى: “وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين وإذا تتلى عليهم ءَاياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الاَولين” [الاَنفال، 30-31] وقوله أيضا: “وما لهم ألا يعذبهم الله وهو يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه” [الاَنفال، 34]. ويعضد هذا السياق المقام الحالي للآيتين، إذ يحكي قوله تعالى: “اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو إئتنا بعذاب أليم” ما قاله فريق من كفار مكة من أمثال أبو جهل والنضر بن الحارث الحارث.

يكشف هذا الدعاء ما يمكن أن يختاره فريق من الناس عندما يسيطر على أصحابه الكبر ويهيمن عليهم العناد الجامح فيبلغ بهم مبلغا تعمى من خلالهم بصائرهم فيطلبون أن ينزل الله بهم العدوان والعذاب. حصل هذا مع المشركين في مكة إزاء دعوة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ويمكن أيضا أن يحصل أيضا الأمر نفسه عندما تعمى البصائر، ويسود الكبر والعناد في مواجهة أصحاب الدعوة إلى الحق والعدل والخير.

وعلى كل حال يبدو من المقام الذي سيقت فيه الآيتان أن المعنى المقصود منهما تحدي الكفار للرسول الكريم محمدا صلى الله عليه وسلم بأن دعوا على أنفسهم. فهم يدعون على أنفسهم إذا كان ما حصل في الواقع مناقض لما يدعونه أو يعتقدونه في القرآن الكريم باعتباره معجزة للرسول الكريم، والغرض من ذلك أن يستدلوا بعدم نزول العذاب على أن القرآن ليس من عند الله. وعلى كل حال إننا إزاء تحد صهره الكفار في بوثقة دعاء على أنفسهم بأن يمطر الله تعالى عليهم حجارة من السماء أو يؤتهم عذابا أليما. والرد القرآني هنا متمثل في قوله تعالى: “وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ“. قيل إن الضمير في قوله” معذبهم” يعود على كفار مكة، والضمير في قوله: “وهم” عائد على المؤمنين. وقيل بأن هذه الآية جملة معترضة اقتضاها المقام المقالي الذي سيقت فيه. فقد سبقها تهديد وكان الأليق أن يلحقها ترغيب تبعا لما هو مقرر من عادة القرآن المجيد في تعقيب الوعد بالوعيد.

وهكذا، وانطلاقا من التبصر بالمقام المقالي الذي سيقت فيه الآيتان فإن المعنى المقصود من قوله تعالى: “وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون” هو التحريض على الاستغفار، كما في التحريض على الشكر والإيمان في قوله تعالى: “ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وءَامنتم” [النساء، 146]. قال الإمام بن عاشور رحمه الله: “وقد دلت الآية على فضيلة الاستغفار وبركته بإثبات أن المسلمين أمنوا من العذاب الذي عذب الله به الأمم لأنهم استغفروا من الشرك باتباعهم الإسلام” .

أرسل تعليق