Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

شروط الشيخ المربي

      وضع الصوفية سلسلة من الشروط التي يجب أن يتحلى بها المتصدر للمشيخة لكي يكون أهلا لهذا المنصب الشرعي الهام، هذه الشروط هي ثوابت في حق الشيخ المربي نظرا لخطر وعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وباستقرائنا للشروط التي وضعها الصوفية للشيخ المربي -وإن اختلفوا في تعدادها- فيمكن أن نجملها في أربعة شروط رئيسية وهي: معرفة الفرائض العينية، الإذن، اتصال السند، والخبرة التامة.

      4. الخبرة

      هي كذلك من الشروط الواجب توفرها في الشيخ؛ ليكون أهلا لمنصب الدلالة على الله.

      يقول الله عز وجل: “الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرا” [الفرقان، 59]؛ أي فلنسأل الخبير والعارف بالرحمن وهم شيوخ التربية الدالون على الله على بصيرة من أمرهم.

      يقول العلامة ابن عاشر:

      يصحب شيخا عــــارف المسالك          يقيـــــه في طريقـــــه المهــالك

      والصوفية لم يقدموا لنا تعريفا للخبرة، وإنما اكتفوا بذكر لزوميتها في حق الشيخ، إلا أن هناك محاولة للتعريف بهذا الشرط الهام وهي محاولة الأستاذ أحمد أرحيحات حيـث يقول: “الخبرة هي معرفة الشيخ بأحوال السلوك إلى حضرة ملك الملوك، وإتقانه لكيفية السير في طريق أشواك التقى والمعرفة، لينجي السالك من المهالك”[1] فالطريق إلى الله محفوفة بالمخاطر، ومسالكها ملغومة، وخطارها قليل، ولا يسلم منها إلا النزر القليل ممن تعلقوا بصاحب الإذن والخبرة بها.

      وهذه الخبرة يمكن حصرها في ثلاثة أنواع وهي: الخبرة المعرفية، والخبرة النفسية، والخبرة الميدانية.

      ‌أ.  الخبرة المعرفية

      يشترط في الشيخ المربي أن يتحقق بالمقامات التي يتحدث عنها الصوفية، من توبة وتوكل ورجاء وخوف… وأعلى هذه المقامات وأشرفها مقام العبودية لله عز وجل، كما يجب عليه أن يعرف مخارجها -أي المقامات- ومداخلها، وأحكام كل مقام مقام، حتى يتسنى له الأخذ بيد المريد وامراره في أسهل المسالك والرقي به من مقام إلى مقام على التمام والكمال، حتى يقول له: ها أنت وربك. يقول ابن عجيبة: “يشترط في الشيخ أن يكون حل في منازل السائرين وهي مقامات اليقين بحيث سلكها وعرفها ذوقا وحالا ومقاما كتصحيح التوبة بشروطها وأركانها وتحقيق الورع والزهد والخوف والرجاء والتوكل والصبر والرضى والتسليم والمحبة والمراقبة والمشاهدة وحصل له الفرق بين الروحانية والبشرية والسلوك والجذب والفناء والبقاء وأحكم أحكام التخلية والتحلية، وكل مشرب من مشارب القوم وأذواقها كان فيه ناهلا وشاربا فإذا حصل هذه المراتب وذاق هذه الأذواق استحق أن يكون شيخا مربيا”[2].

—————————————-

  1.  أحمد ارحيحات، الدعوة إلى الله في رحاب التصوف، مرجع سابق، ص: 76.

  2.  ابن عجيبة، الفتوحات الإلهية، مرجع سابق، 1/ 157.

أرسل تعليق