Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مكانة المرأة في الإسلام

      إن المتأمل في مصادر التشريع الإسلامي يدرك بما لا يدع مجالا للشك أن ما يروجه الكثير من أعداء الإسلام؛ أنه حط من قيمة المرأة ومنزلتها، وهضم حقوقها لصالح الرجل، مجرد افتراءات لا أساس لها من الصحة، فما عرفت البشرية بأسرها تكريما للمرأة أكبر ولا أعظم من تكريم الإسلام لها، حيث قال عز وجل: “ولقد كرمنا بني ءادم” [سورة الاِسراء، جزء من الآية: 70].

      فتكريم الإسلام  للإنسان بصفة عامة، هو تكريم تشترك فيه المرأة والرجل على حد سواء، فهُما أمام الله سواء في الأمور الدنيوية والأخروية، قال تعالى: “من عمل صالحا من ذكر اَو اَنثى وهو مومن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون” [سورة النحل، الآية: 97]. وقال صلى الله عليه وسلم: “إنما النساء شقائق الرجال” [أخرجه أحمد]. فهذا التكريم الذي حضيت به المرأة في الإسلام لا يوجد له مثيل في أي ديانة أو ملة أو قانون من القوانين، وقبل التطرق إلى بعض أوجه تكريم الإسلام للمرأة، وحيث أن الشيء لا يعرف إلا بضده، ارتأيت أن أعرض لمحة تاريخية سريعة عن وضعية المرأة في الشرائع الأخرى، كي يتضح جليا كيف حرر الإسلام المرأة من قيود الجهل والاستعباد، وكيف أعاد لها حقها المسلوب في العيش الكريم.

      ففي العصور القديمة وتحديدا عند الرومان كانت المرأة رقيقا تابعا للرجل، لا حقوق لها على الإطلاق… أما في شرائع الهند القديمة، فلم تكن المرأة بأحسن حال مما كانت عليه في الحضارة الرومانية، حيث اعتبروا أن حقها في الحياة ينتهي بانتهاء أجل زوجها، فإذا رأت جثمانه يحرق ألقت بنفسها في نيرانه وإلا حاقت بها اللعنة… هذا حالها في العصور القديمة، أما حالها في العصور الوسطى والحديثة فيوضحه ما شرحه الكاتب الدانمركي وايت كور دستن اتجاه المرأة الكاثوليكية بقوله: “خلال العصور الوسطى كانت العناية بالمرأة الأوربية محدودة جدا تبعا لاتجاه المذهب الكاثوليكي الذي كان يعد المرأة مخلوقا في المرتبة الثانية”، وفي فرنسا عقد اجتماع عام 586 م يبحث شأن المرأة وما إذا كانت تعد إنسانا أو لا؟ وبعد النقاش، قرر المجتمعون إلى أن المرأة إنسان، ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل، وقد نصت المادة السابعة عشرة بعد المائتين من القانون الفرنسي على ما يلي: المرأة المتزوجة حتى ولو كان زواجها قائما على أساس الفصل بين ملكيتها وملكية زوجها، لا يجوز لها أن تهب ولا أن تنقل ملكيتها، ولا أن ترهن، ولا أن تملك بعوض أو بغير عوض دون إشراك زوجها في العقد أو موافقته عليه موافقة كتابية.

      وفي انجلترا حرم هنري الثامن على المرأة الإنجليزية قراءة الكتاب المقدس، وظلت النساء حتى عام 1850م غير معدودات من المواطنين…”.

      أما المرأة المعاصرة في أوروبا وأمريكا وغيرها من البلدان الصناعية فهي جزء من الحملات الإعلانية والتجارية، حيث لا تكاد تخلو سلعة من صورة لامرأة شبه عارية على واجهات المحلات التجارية… فهي مع كل تلك الشعارات التحريرية المزيفة لم تبتعد كثيرا عما كانت عليه من ذي قبل، حتى إذا نضب جمالها وفقدت مقومات العطاء انتهت وحيدة في بيتها أو في دور العجزة.

      أين هذا كله مما قدمه الإسلام للمرأة من رفعة وكرامة وتقدير، قال عز وجل: “والمومنون والمومنات بعضهم أولياء بعض” [سورة التوبة، جزء من الآية: 71]. ثم قال أيضا: “ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة” [سورة البقرة، جزء من الآية: 228].

      فهذين النصين المحكمين يشيران إلى مبدإ التكافؤ والتوازن بين الحقوق والالتزامات التي لكل من الرجل والمرأة على الآخر، وما الدرجة المذكورة في الآية الأخيرة إلا زيادة تشريف للمرأة عكس ما قد يعتقده البعض، فهي ليست امتيازا للرجل بقدر ما هي زيادة مسؤولية للرجل على المرأة من حيث كفالتها ورعايتها في جميع أطوار حياتها، بنتا كانت أو أختا أو زوجة أو أما.

      فالإسلام ساوى بين المرأة والرجل في الكرامة الإنسانية، والتكليف، والمسؤولية، حيث نظر إليها باعتبارها أحد الزوجين الذين يمثلان النوع البشري لا يفضل أحدهما على الآخر إلا بالتقوى، قال جل وعلا: “يا أيها اَلناس إنا خلقناكم من ذكر واُنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم” [سورة الحجرات، الآية: 13].

      كما ساوى بينهما في التكاليف والواجبات، حيث أناط بهما مسؤولية تقويم المجتمع وإصلاحه، وهو ما يعرف في الإسلام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال عز وجل: “والمومنون والمومنات بعضهم أولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويوتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله” [سورة التوبة، جزء من الآية: 71].

      كذلك جعل الإسلام من المرأة أحد ركنين يقوم عليهما معا بناء الأسرة ومن ثم بناء المجتمع، فأقام العلاقة بينهما على أساس الزواج الشرعي في إطار حميمي تشيع فيه المودة والرحمة والمعاشرة بالمعروف، قال عز وجل: “ومن اياته أن خلق لكم من اَنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة” [سورة الروم، جزء من الآية: 21].

أرسل تعليق