Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مدخل لدراسة المذهب المالكي.. (25)

الاستحسان

1. تعريف الاستحسان

مدخل لدراسة المذهب المالكي.. (25)

الاستحسان لغة: جاء على وزن استفعال، من الحسن، وهو عد الشيء حسنا وهو ضد القبح[1]. أما من الناحية الاصطلاحية: فقد اختلف المالكية في تحديد تعريفه فضلا عن العلماء الآخرين، وسنحاول الوقوف على تعريفات المالكية لنتبين مقصود الإمام مالك من هذا المصطلح.

تعريف ابن خويز منداد: “الأخذ بأقوى الدليلين[2]. وهو نفسه تعريف ابن العربي حيث قال: “والاستحسان عندنا وعند الحنفية هو: العمل بأقوى الدليلين[3].

فهذا التعريف هو ضرب من ترجيح أحد الأدلة، كمسألة تضمين الصناع فإن القياس يقتضي عدم تضمينهم إذا ما ألحقنا حكمهم بالأمين لأنه لا يضمن، ولكن لما ضاعت حوائج الناس وتهاون الصناع فيما أتمنوا عليه، عُدل عن القياس أو قل رجحنا القياس الذي يقتضي عدم تضميهم، إلى دليل آخر وهو الاستحسان حفظا لمصالح الناس.

وقد ذكر ابن العربي معنى آخر للاستحسان عند الإمام مالك وأصحابه وهو: “أُثِرُ ترك ما يقتضيه الدليل على طريق الاستثناء والترخص بمعارضته ما يعارضه في بعض مقتضياته[4]. وهذا التعريف هو تبيان وتوضيح للتعريف الأول، فالعمل بالاستحسان ليس إلغاء أحد الدليلين وإنما هو تخصيص جزئية معينة من دليل كلي، سواء كان هذا الكلي ثابتا بالنص أو بالقياس، فهو بمثابة الجمع بين الدليلين، ولهذا قال ابن رشد: “ومعنى الاستحسان عند مالك هو: جمع بين الأدلة المتعارضة[5].

ومن التعاريف للاستحسان ما قاله الأبياري من أنه: “هو الأخذ بالمصلحة الجزئية الكائنة في مقابلة دليل كلي”[6]. وعرفه الشاطبي بنفس تعريف الأبياري وذلك بقوله عن الاستحسان: “استعمال مصلحة جزئية في مقابلة قياس كلي[7].

وعرف ابن رشد الاستحسان بقوله: “الاستحسان الذي يكثر حتى يكون أعم من القياس هو: أن يكون طرحا لقياس يؤدي إلى غلو في الحكم ومبالغة فيه، فيعدل عنه في بعض المواضع لمعنى يؤثر في الحكم يختص به ذلك الموضع[8].

وهذين التعريفين قصرا الاستحسان على ترك مقتضى القياس لمصلحة جزئية، بينما يلاحظ على التعاريف الأولى أنها عامة، أي لم تقصر الاستحسان على ترك مقتضى القياس لمصلحة فقط، على الرغم من أن التعريفين السابقين ضيقا معنى الاستحسان عند الإمام مالك، وهو الذي لا يتماشى ومفهوم الاستحسان عند مالك، مع العلم أنه يقول : “إن الاستحسان تسعة أعشار العلم”[9]. ويقول أصبغ عن الاستحسان: “قد يكون أغلب من القياس”[10].

ومن تعاريف الاستحسان ما قاله الحطاب: “وأحسن ما قيل فيه: “إنه دليل ينقدح في نفس المجتهد ويتحققه لكن يعسر التعبير عنه”[11].

وهذا التعريف رده العديد من علماء المالكية، جاء في إيصال السالك: “وهو على هذا المعنى مردود على الصحيح، كما قال في الغيث الهامع قال ابن الحاجب: لأنه إن لم يتحقق كونه دليلا فمردود اتفاقا، وإن تحقق ذلك فمعتبر اتفاقا[12]، فالعبرة هي النظر إلى مورد الدليل وصحة النظر لأنه قد يكون وهما لا أساس له..

يتبع في العدد المقبل..

————————————————————-

1. لسان العرب، حرف النون، فصل الحاء المهملة.

2. الحدود في الأصول، 65.

3. أحكام القرآن، لابن العربي، 2/754.

4. المحصول، لابن العربي، 132.

5. بداية المجتهد، 2/278.

6. إيصال السالك، للولاتي، 48.

7. الاعتصام، الشاطبي، 2/371.

8. الاعتصام، 2/371.

9. الاعتصام، 2/371.

10. الاعتصام، 2/371.

11. تحرير المقالة في شرح نظائر الرسالة، ص: 244.

12. إيصال السالك، 47.

أرسل تعليق