Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

ذم الهوى.. (4)

قال الله تقدست أسماؤه في معرض أطول قسم في القرآن: “ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد اَفلح من زكاها وقد خاب من دسيها” [الشمس، 7-10]

ذم الهوى.. (4)

فجور النفس هو الأهواء الفاسدة الرغبات والحظوظ الغريزية المكتسبة التي يبتلي الله بها الإنسان في مختلف مراحل حياته، ووجوده من أنانية، وتكبر وطغيان، وحب للدنيا، وتعلق بالأهواء، وركون إلى الباطل، وتبرم من الحق إلى آخره مما هو معلوم من الصفات المذمومة التي ركبت في الإنسان فأصبحت عوائد، ومنها ملازمة له في أفعاله وتصرفاته ما لم يجاهد نفسه في التحرز منها، وما لم يسلك مسلك التزكية التي أمر الله بها.

وفي هذا السياق قال تاج العارفين ابن عطاء الله رحمه الله “كيف تخترق لك العوائد وأنت لم تخرق من نفسك العوائد.. “.

 ومكرمة حرق العوائد لك مترتبة بحكم سنة الله تعالى وحكمته على خرق عادة نفسك بثلاث:

أولها: العمل بأمر الله ونهيه فرارا من الهوى؛

والثاني: الفرار من الخلق اكتفاء بالحق؛

والثالث: الثبات على بساط الصدق بالتزام الأدب مع الله حتى تكون فقيرا في غناك، غنيا في فقرك، عزيزا في ذلك، قادرا في عجزك، قويا في ضعفك، ضعيفا في قوتك..

     إن تغير سلوك الإنسان يبدأ بتغير ما ورثه من خاطئ المفاهيم والأفكار والقيم، وما تعوده من سيء العادات، وما كرسه في نفسه وحياته من سلبيات الأعمال؛ وقد لا نجد أحيانا تفسيرا لماذا نقوم بعمل ما؟ أو لماذا نتصرف على هذا النحو؟ وقد تمضي السنوات دون أن نفكر لماذا اخترنا هذا الموقف.

    إن للعادات أثرا بليغا في حياتنا فطريقة طعامنا وشرابنا واجتماعاتنا، وتصريف أوقاتنا، وتعاملنا مع الآخرين تحكمها عادات قديمة تسيطر علينا دون أن نشعر، وفي الوقت الذي يعتقد أنها بسيطة وتافهة وصغيرة؛ وأنه يمكن تجاوزها بسهولة، ورغم كل ذلك نكتشف أنه يلزمنا الكثير من الجهد والوقت، والجد، وضبط النفس لتغييرها، ولقد صدق من قال: “إن العادة طبيعية ثانية في الإنسان”. وعندما تستحكم العادة فينا يصعب تغيرها، مع العلم أن هناك عادات وسلوكيات كثيرة قد تدمر حياتنا، وتضيع وقتنا، وتهدر أموالنا وجهودنا ومستقبلنا، ومع علمنا أنها اختيارات خاطئة؛ فإننا لا نبحث عن طريقة لتغيرها، وإن وجدنا تلك الطريقة لا نستطيع أن نبدأ في تطبيقها والسير فيها؛ لأن البدء في مخالفة عادتنا يحتاج إلى طاقة كبيرة من الجهد والاجتهاد والإرادة القوية التي ستخرجنا من جاذبية العادة وحلاوتها. وحلاوة العادة هي الداء العضال؛ فإذا عقدت العزم على التغيير ستجد نفسك في صراع مرير مع نوازع العادات التي اكتسبتها بمرور الزمن.. وأنه من المفيد أن تكرر عاداتك الجديدة ما استطعت، وأن تراقب تحسنك في التزامها، وحاول ألا تكسر القاعدة بأي استثناء فربما كانت تلك المخالفة التافهة عودة إلى الأبد، وسقوط إلى الأبد في مستنقع عادة سيئة يستحيل الفكاك منها..

 

وبالله التوفيق  

أرسل تعليق