Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

التمييز العنصري والسلم الأهلي..(1)

لم تعرف الأمة الإسلامية في كل تاريخها التمييز العنصري ضد أحد من الناس، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وبالرغم من أن المسلمين من أكثر الأمم تنوعاً عرقياً، ولغوياً ولونياً وقومياً وغيرها، إلا أنهم يشكلون أمة واحدة، لا فرق بين عربي وتركي، ولا بين إيراني وباكستاني، ولا صيني ولا أمريكي، ولا غيرهما، ويتجلى ذلك في موسم الحج الأكبر، إذ لا توجد أمة ولا قومية ولا دولة على الأرض إلا ومنها وفد مسلم، فالمسلمون تجمعهم أخوة الإيمان والإسلام، والإسلام ساوى بين الناس جميعاً، وليس بين المسلمين فقط، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير” [الحجرات، 13]، وقال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالاَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا” [النساء، 1].

التمييز العنصري والسلم الأهلي

وعلى أساس هذه النظرة الأصيلة للإنسان والناس كافة، كانت نظرة الإسلام للحقوق والواجبات، على أنها شاملة لكل البشر[1]، وليست خاصة بجنس دون آخر، ولا عنصر دون آخر، فالنظرة العنصرية التي تفرق بين الناس بسبب عرقهم أو لونهم أو لغتهم أو دينهم محرمة في الإسلام، وكما هي بين المسلمين فهي محرمة مع غير المسلمين أيضاً، فلا العنصر العربي خير من العنصر التركي، ولا العنصر الفارسي خير من الهندي، ولا العنصر الماليزي خير من الاندونيسي، ولا العنصر الأوروبي خير من الأمريكي، ولا غيرها، فكل الناس سواسية أمام الإسلام.

هذه النظرة الإيمانية ضرورية؛ لأنها وحدها الكفيلة بمنع العنصرية، فمهما تذرع الناس أو استدلوا على حرمة أو منع العنصرية؛ فإنهم يفشلون في ذلك، وبالأخص من أقام حقوق الإنسان على الأساس الطبيعي فقط، فهذه النظرة قابلة للتحول إلى نظرة عنصرية، بحجة اختلاف الطبيعة من قوم إلى آخر، أو بحجة اختلاف الطبيعة الجغرافية من مكان إلى آخر، كما هي النظرة الأوروبية والأمريكية إلى الأسيويين والأفارقة، فما دفع الأوروبيين للقول بالعنصرية الآرية أو الانجلوسكسونية أو الفرنسية أو الأوروبية البيضاء[2]، إلا النظرة الطبيعية المعزولة عن النظرة الإيمانية، بدليل أن كل دعاوى الغرب بمحاربة العنصرية لم تنجح في إلغاء العنصرية المشحونة بين الشعوب الأوروبية، وقد ذكرنا من قبل الأدلة والشواهد على ذلك، بما يغني عن الإعادة، بل لم تنج أوروبا نفسها من النظرة العنصرية بين شعوبها وقومياتها ودولها في القرن الماضي وما سبقه، وقد دخلت في القرن الماضي في حربين عالميتين، كان من أسبابها النظرة العنصرية..

——————————————-

1. انظر: فلسفة الإسلام في الإنسان، الدكتور علي عيسى عثمان، ص 103.

2. انظر: دراسات وبحوث في الفكر الإسلامي، الدكتور فتحي الدريني، دار قتيبة، دمشق، الطبعة الأولى، 1408هـ / 1988م، 2/861.

أرسل تعليق