Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

علم الحديث بالمغرب(الجزء السابع)

هذا الجزء السابع مُفْردٌ لِسَوِقِ بقية الشواهد على القضية التي ذكرتها في الجزء السادس، وهي أن الحكم على حالة العلم بمصر من الأمصار ينبغي أن يستحضر فيه عنصر الزمان استحضارا أكيدا. وسُقت مثالا على ذلك بما ذكره الذَهبي عن حال الهند من حيث صناعة الحديث، وأن الباب بها مغلق، يعني أنه لا أثر بها لآثر البتة. وذكرت أن هذا الكلام ينبغي أن يقيد بعصر الذهبي حتى يعلم على وجهه، وإلا فإن الهند صارت بعد عصر الذهبي دارا من دور الحديث العظمى.

وأريد الساعة الإتيان بشواهد أخرى مستلة من كلام الذهبي رحمه الله للاحتجاج بها على القضية المذكورة أعلاه، فهاهو الذهبي نفسه في “يعتمد قوله في الجرح والتعديل” [1]  يسرد أسماء أربع وأربعين حافظا من أعيان القرن الرابع من المتكلمين في الرجال كابن خزيمة، وأبي العباس السراح، وأبي بكر بن أبي داود، وزكريا الباجي، والروياني، والخلال، والدولابي، والباغندي، وأبي عوانة الأسفراييني، وابن الجارود ثم قال: “وخلق سواهم مثلهم أو دونهم في الحفظ، بالحرمين، والشام، والعراق، وخراسان، والجبال، وما وراء النهر، والمغرب والأندلس، وأذربيجان، والجزيرة…”.

فهذا نص في وجود حفاظ كبار ممن يعتمد قوله في الجرح والتعديل بالمغرب والأندلس في أواخر القرن الثالث وأوائل الرابع، حمل الاختصار على ترك تسميتهم.

وحسبُك أن الذهبي بدأ الطبقة العاشرة ممن يعتمد قوله في الجرح والتعديل  [2]بالإمام الكبير أبي الحسن الدارقطني البغدادي وقال فيه: “وحيد عصره وبه ختم معرفة العلل” ثم سرد بعده جماعة من معاصريه من أعيان المتكلمين في الجرح والتعديل، الذي لا يتأهل له إلا كبار الحفاظ، فذكر سبعة عشر حافظا منهم أحد عشر من أهل الأندلس، وامتزاج المغرب بالأندلس معلوم.

فهذا القرن الرابع من أزهر قرون العلم بالأندلس إن لم يكن أزهاها، قامت فيه بجهتنا هذه الغربية الإسلامية للحديث سوق عامرة، ورفعت له بها أعلام خافقة.

ولكلام في هذه الشواهد بقية ستأتي في الجزء الثامن إن شاء الله تعالى..

————

1. طبع ضمن “أربع رسائل في علوم الحديث”، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب ط: 5، 1410/1990.
2.  ص: 209.

أرسل تعليق