Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

دلائل أخرى من اهتمام النساء المحدثات بالموطـأ

      يعد كتاب الموطـأ -كما مر معنا سابقا- من المؤلفات المرجعية في الحديث والفقه، كما يعتبر -هو والصحيحان، وكتب السنن، والمسانيد، وغيرها- من الأسس المعرفية الأصيلة، في البناء الحضاري العلمي والروحي للأمة الإسلامية.

      وقد كانت هذه الكتب ومازالت مدار حركة علمية، خلفت لنا تراثا علميا مهما؛ من شروح حديثية، ولغوية، وفقهية..الخ

      وساهمت الرواية لهذه الكتب، في امتداد التداول المعرفي والعملي لها زمانا ومكانا، كما كان للدراية دور جوهري في توثيق المنقول، وتحقيقه، وضبطه، وتمييز صحيحه من سقيمه، من خلال القواعد الضابطة لصحة المروي، والشروط الصارمة للراوي، والتي طبقتها عمليا المدرسة النقدية الحديثية، حفظا لأصل مهم من أصول الأمة ألا وهو الحديث النبوي الشريف.

      وشرط هذه المقالات بيان مشاركة المرأة المحدثة في هذه الحركة العلمية المباركة، من خلال إبراز اهتمامها برواية كتاب الموطأ (وقد خصصنا له الجزأين الأول والثاني)، ونخصص هذا الجزء الثالث للحديث عن نوع آخر من الاهتمام، وهو عنايتها بالمصنفات حول هذا الكتاب الجليل؛ فقد ذكـر المحقق محمد فؤاد عبد الباقي ممن ألف مسند الموطــأ، أبا الحسن القابسي في كتابه الملخص[1]، وأفادنا ابن نقطة أن المحدثة فاطمة بنت أحمد ابن القاسم بن أبي بكر بن عبد الرحمن، أم الحسن بنت الشيخ شهاب الدين الحراني المكية (تـ 783هـ)، سمعت كتاب القابسي من جدهـا رضي الدين الطبري[2].

      وذكـر أيضا أن المحدث الجوال محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن اليتيم الأنصاري الأندلسي، المعروف بابن البلنسي (تـ 620هـ) عنده من عـوالي مـالك ما سمعه من مسندة العراق شهدة بنت الإبري الكاتبة[3].

      ولأن كتب بخاري المالكية الإمام الحافظ أبي عمر ابن عبد البر، من المصادر المهمة في ضبط الموطأ، وخدمته سندا ومتنا، فقها واستنباطا، ولجلالتها، وعظيم منفعتها، روتهــا عنه طـونة بنت عبد العزيز؛ قال ابن الزبير الغرناطي في ترجمتها: “طـونة بنت عبد العزيز ابن موسى بن طاهر بن متاع، تكنى أم حبيب، وهي زوج أبي القاسم بن مدير، أخذت عن أبي عمر ابن عبد البر، وكتبت تواليفه، وعن أبي العباس العذري، وسمع زوجها بقراءتهــا عليهما، وكانت حسنة الخط، فاضلة، دينة، مولدها سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، وتوفيت سنة ست وخمسمائة”[4]. رحمها الله، ورحم جميع عالماتنا الصالحات المباركات، اللواتي جعلهن الله منارات اقتداء، وسرج إرشاد واهتداء.

وإلى لقاء قريب بحوله تعالى.

—————————

  1.  مقدمة تحقيق الموطأ لمحمد فؤاد عبد الباقي، ص: 10.

  2.  ذيل التقييد 2/383-384.

  3.  نفسه 1/77.

  4.  صلة الصلة 5/308، ترجمة 620.

أرسل تعليق