Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الفكر الإسلامي المعاصر.. انتظارات واختيارات

      أمام الفكر الإسلامي المعاصر انتظارات كثيرة ومتنوعة. ومنها هذه المحاور الأربعة الأساسية:

      •  أولا: السعي الحثيث لبناء منهجه الإصلاحي على نفس منوال الحركات العلمية الإصلاحية في عصر النهضة والحركات الإصلاحية التي سبقتها في تاريخ الإسلام، واقتناعه أن حجم التحديات المعاصرة يزداد في التضخم يوما بعد يوم، مما يتطلب مضاعفة الجهود وتطوير مناهج الإحياء والإصلاح والتجديد؛

      •  ثانيا: تمام الوعي بمختلف القضايا المعاصرة، وضرورة فقه اختلاف المناهج في التعامل معها: اجتهادا واستنباطا وتحليلا وخطابا؛ ولعل من شأن هذا الأمر الأخير أن يثري الرصيد المعرفي للفكر الإسلامي المعاصر؛

      •  ثالثا: الاجتهاد في الكشف عن حدود “مناطق الفراغ” الواسعة التي تشكلت مع مرور الزمن حين كان الفكر الإسلامي غائبا، ومحاولة قدر المستطاع تعويض غيابه هذا والتقليص من حجم هذا “الفراغ”، وذلك بالانخراط المباشر في عملية الإحياء الفكرية المعاصرة؛

      •  رابعا: مقاومة كل أشكال الفكر التغريبي، وإيلاء الاهتمام لكثير من فروع المعرفة: استيعابا ونقدا وتقويما وتجديدا، والإسهام في إخراج العقل الإسلامي من أزمته، وارتياد آفاق التنظير والتطوير والإبداع.

      إن الشيء الذي يجب التأكيد عليه اليوم هو أن الحاجة ماسة لتعميق النظر في هذه الانتظارات العامة الأربعة، ثم العمل على جمع الجهود الفكرية التجديدية المعاصرة المتناثرة، وتوحيد الصفوف المختلفة، وضم لبنات بناء الصرح الحضاري بعضها إلى بعض، ليبلغ البنيان تمامه..

      وحري بالمجامع العلمية والفقهية، والجامعات والمعاهد المتخصصة، والمؤسسات ومراكز البحث التي تهتم بقضايا الفكر الإسلامي المعاصر أن تختار القيام بهذه المهمة السامية، فعليها مضاعفة الجهود لاحتواء حركة الفكر الإسلامي التجديدية، وتأطيرها بما يلزم من طاقات علمية، وإمدادها بما تحتاجه في مسيرتها العلمية الإصلاحية المباركة بالمناهج والتصورات والأفكار والآراء والنظريات، خاصة وأن العالم اليوم يشهد بداية مرحلة جديدة من التدافع الحضاري بين الأمم والشعوب، مما يسمح لهذا الفكر أن تكون له أولوية في البحث والتخطيط، والدراسة والتحليل، وترصد له كل الوسائل والإمكانات التي ستعمل على إخراجه من دائرة الانتظار والتأمل إلى حيز العمل والتطبيق.

      وتجدر الإشارة إلى أن العنصر الأساسي لانطلاق الفكر الإسلامي في تأسيس مشروعه الحضاري متوفر في الأمة الإسلامية، وهو عنصر الدين الإسلامي الذي أهل المجتمع الإسلامي الأول لقيادة قاطرة الحضارة. وصدق الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله حين قال في كتابه القيم (روح الحضارة الإسلامية، ص 72-73): ومن دعوة الدين والإيمان بها اكتسب الشعب الذي استجاب لتلك الدعوة وامتاز بذلك الإيمان خلالا نفسية جديدة؛ لم يستفد علما ولا صناعة ولا قوة مادية، ولكن الذي اكتسبه من الخلال طوع له العلم والصناعة والقوة المادية، فكانت المدارك الدينية وحدها التي فتحت أمام نظر المسلم آفاق الكون والتأمل والاعتبار والمعرفة والإيمان. ولما عرف نواحي الوجود على ما هي عليه بنظره الديني، اتجه إلى بحث ما اشتملت عليه تلك النواحي من التفاضل، فتكونت فيه داعية طلب العلم على اختلاف مواضيعه وفنونه، فاصطنع العلوم التي هي من التراث الإنساني المشترك، وابتكر العلوم التي هي من التراث الإسلامي الخاص، وجعل من مجموعة تلك العلوم الإنسانية المشتركة والإسلامية الخاصة مجالا لتصريف تلك المدارك الدينية، التي التأمت تلك العلوم على محورها مع اختلاف عنصريها…

أرسل تعليق