Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

النوازل الاقتصادية في المذهب المالكي.. (3)

الجانب الاقتصادي للنوازل المرتبطة بالاستثمار الزراعي

النوازل الاقتصادية في المذهب المالكي.. (3)

تصور هذه النوازل طرق الاستثمار الزراعي المطبقة في الغرب الإسلامي، ولذلك سنأخذ نماذج وصور تعكس النظم الاقتصادية التي جرى بها العمل أو العرف داخل هذه المجتمعات.

النموذج الأول: مسألة كراء الأرض بالثلث ونحوه

ومذهب مالك وجمهور أصحابه المنع، حملا لأحاديث المنع من كرائها على كرائها بما يخرج منها، وعمل أهل الأندلس على جواز ذلك، ومثله العرف بسوس، وكذا بدرعة من لدن الإمام ابن ناصر إلى الآن[1]، وعهدتهم في الجواز ما في البخاري من قوله : “باب المزارعة بالشطر ونحوه[2]، والمراد بالجزء ثلثا أو ربعا أو نصفا أو نحو ذلك، ومذهبه الجواز.

وإنما أجاز أهل سوس ودرعة ذلك؛ لأن الضرورة داعية إلى ذلك، سيما في بلدة يتعذر فيها الكراء بالنقود أو العروض، فاقتضى النظر أن تكون الفتوى بما به العمل، ومراعاة العرف، وهو أحد قواعد المذهب المالكي، والأحكام تتبدل بتبدل الأعراف[3].

وقد أخذ بهذا المذهب أهل غمارة لضيق بلادهم ولمجاورتهم الأندلس[4]. أما أهل فاس فمنعوا كراء الأرض بالثلث ونحوه[5].

فهذه الأجوبة تبين اختلاف الأعراف بين المدن المغربية، والسبب في ذلك يعود إلى طبيعة النظام الاقتصادي المطبق، فبلاد درعة بيئة فلاحية يغلب عليها طابع البادية، لذلك جاءت الفتوى منسجمة مع طبيعة نمط عيش أهل البادية، حيث يفتقرون إلى النقد الذي يعتبر وسيطا في المعاملات، ولذلك اقتضت الضرورة أن يخالفوا مذهب مالك ويلحق بهم في هذا أهل سوس؛ لأن طابع البادية غالب عليهم[6].

أما أهل غمارة فغلبت عليهم الطبيعة الجبلية، وساد عندهم النشاط الرعوي، في حين شكلت فاس حاضرة المغرب، وعرفت تطورا حضاريا كبيرا، فالنقد لعب فيها دورا كبيرا في مجال المعاملات.

وانطلاقا مما سبق نرى أن هذه النوازل تكشف عن الجوانب الاقتصادية الدفينة لهذه المناطق.

يتبع في العدد المقبل..

————————————————————-

1. النوازل الصغرى، ج: 3، ص: 401.

2. انظر الحديث في البخاري بحاشية السندي، ج: 2، ص: 46.

3. النوازل الصغرى، ج: 3، ص: 402.

4. النوازل الصغرى، ج: 3، ص: 411.

5. النوازل الصغرى، ج: 3، ص: 402.

6. خصائص فقه النوازل في سوس ونماذج مختارة منها: الحسن العبادي، ص: 225، مجلة دار الحديث الحسنية، العدد الثاني عشر، 1415هت/1995م.

أرسل تعليق