Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

التخليق بالأسوة رصد لآليات التخليق بالأنموذج وإجراءاتها – مقاربة مقارنة.. (6)

ثانيا. بين مفهومي الميزان والأسوة

وقد وصف الله تعالى دين التوحيد بالدين القيّم، قال تعالى: “فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون” [ الروم، 29]، فالدين القيم هو الدين العدل والدين الحق وهو الدين المتوازن، قال تعالى: “الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب” [الشورى، 17]: وقال تعالى: “فاقم وجهك للدين القيم من قبل أن ياتي يوم لا مردّ له من الله يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ” [الروم، 42].

وكذلك الصراط المستقيم عبارة عن الميزان الذي وضعه الله وأرسله للرسل وحياً لهداية البشر، قال تعالى “اهدنا الصراط المستقيم” [الفاتحة، 5]، وقال تعالى: “وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم” [المومنون، 74]، وقال أيضا “وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلكم تتقون” [الاَنعام، 154]، ولقد سمى الله نفسه بالعدل، فالعدل من أسماء الله الحسنى، والعدل قائم بالميزان والميزان[1].

والقرآن الكريم مليء بالألفاظ الدالة على الميزان إما صراحة أو تضميناً فالفكرة عظيمة والتطبيق عظيم والدنيا والآخرة والكون كلها خاضعة لميزان وضعه الله العزيز الحكيم ذو القوة المتين.

لقد كانت للوحي في المراحل السابقة عن نزول القرآن المجيد خصوصيته؛ إذ كان يُبعث الرسول النبي من أجل هداية الخلق وإرشادهم إلى الصواب ضمن السياقات التي يوجد فيها ووفق توازنات معينة. فعيسى عليه السلام -على سبيل المثال- يأتي في وقت قد غرقت فيه أمة بني إسرائيل وانغمست في العالم. فجاء بهذه الدفقة الروحانية من أجل انتزاع وانتشال أمته وجذبها الشديد لتخليصها من هذا الانغماس، وقد كان أفق دعوته وهدايته عليه السلام متسقا مع أزوف زمن بعثة نبي الختم صلى الله عليه وسلم، وظل هذا الأفق مفتوحا كما يتجلى ذلك في قوله تعالى: “وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ ياتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ” [الصف، 6].

إذ هو صلى الله عليه وسلم الرسول الذي سوف يُحدث التوازن المنشود، فنحن بصدد تخطيط وتصميم رباني يقوم على التكامل في الأدوار بين الأنبياء، الجذب من لدن عيسى عليه السلام كان قويا جدا في انتظار رسول يأتي من بعده اسمه أحمد ليُحدث التوازن المطلوب. فبينما كانت اليهود لا تسجد لتكون صلاتها -تبعا لذلك- جلّها وقوفا، جاء عيسى عليه السلام فنقلهم إلى السجود لتكتمل مظاهر العبادة مع مجيء الرسول المبشّر به أحمد، صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي سيضيف الركوع إلى كل ذلك تصديقا وهيمنة.

————————————–

1. وما أكثر التوازنات فهناك توازن الكون وما فيه من المجرات والمجموعات والأرض والجزيئات والذرة والنواة، وهناك توازن الجسد الفيزيائي والهرموني والكيميائي، وهناك توازن النفس بين المادة والروح وتوازن العلاقات وتوازن الأعمال بين الربح والخسارة وغيرها.

أرسل تعليق