Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

التربية العقلية في الإســــلام..(18)

التربية العقلية في الإســــلام.. (13)

1. الضوابط العلمية لعمل العقل في القرآن    

لقد وضع القرآن الضوابط العلمية التي تحكم مسار العقل في تعاطيه مع العلم، وتتمثل هذه الضوابط في العقلية العلمية التي دعا لها القرآن، هذه العقلية من ضوابطها

1. رفض الظن في مواضع اليقين، فالنظرة إلى الخالق والكون والإنسان والحياة من القضايا التي لا يكفي فيها الظن، بل لابدَّ فيها من العلم اليقيني، ومن هنا أنكر القرآن على المشركين اتباع الظن في مثل هذه القضايا الهامة، حيث قال تعالى: “وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا اِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ” [يونس، 36]. وقال في موضعٍ آخر: “وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ اِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا” [النجم، 28].

2. رفض التقليد الأعمى للآباء والأسلاف، فالعقل لا بد له من التحرر والانطلاق بين أفياء المعرفة، وبساتين العلم، يستنتج ويستنبط ويحلل ويقيس، لقد شن القرآن حملة عنيفة على الجمود والتلقيد في كل صوره، وسائر أشكاله، حيث يقول تعالى: “وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ” [البقرة، 169] ويقول تعالى: “فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاء مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ ءَابَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ” [هود، 109]. والقرآن زاخر بمثل هذه الآيات الرافضة للتبعية والتقليد في الاتباع؛ لأن ذلك يلغي عمل العقل ويوقفه عن العمل، ويؤدي إلى جموده وإنكاره للجديد في مجال المعرفة والتكنولوجي، والتقدم العلمي بكل صوره وألوانه.

3. رفض التبعية للسادة والكبراء؛ فإن هذا اللون من التبعية لأصحاب السلطان والثراء مفسدة للعقل كذلك، من حيث كونه خوفاً وتعطيلاً للعقل وعمله في العطاء، ولقد ذم القرآن هذا النوع من التبعية العمياء، حيث قال في قصة فرعون: “فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ” [هود، 97]، وقوله تعالى في قصة هود: “وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِأيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ” [هود، 58].

4. عدم اتباع الأهواء والعواطف في مجال العلم، فالعقل لا بد أن يؤدي دوره في المعرفة والعلم باتباع الحقيقة وإظهارها والصدع بها، وعدم التنازل عن الحقائق، أو تدويرها بسبب العاطفة والهوى فإن ذلك مما يتصادم مع الحق والهدى، ومع العقل نفسه، والقرآن صريح في هذا حيث قال الله لداود: “يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الاَرضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ” [ص، 25]، وقال سبحانه وتعالى في مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم: “فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ اَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ اَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” [القصص، 50].

يتبع في العدد المقبل

أرسل تعليق