Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الشباب مقياس يجعل الحياة متوهجة غير عاطلة.. (17)

وما كان الله سبحانه ليدع الناس تحت أثقال الحياة، حتى يخلق لهم من أصلابهم من يدفع عنهم هموم أنفسهم، ويحتمل دونهم الكثير من شؤونهم، ويضيء لهم ما بين أيديهم من شعاب العيش من ينهض إلى الحياة بعزم وقوة ومضاء وذكاء، دفعا لمسيرة الحياة لتتوجه نحو غايتها تطورا وتكاملا وازدهارا، والدافع لذلك الإخلاص؛ لأنه بركان داخلي يفجر الطاقات البشرية للعمل الدؤوب والإتقان المستمر والخدمة الطيبة، والشباب إذا أحسنَّا رعايته نجده مجبولا على الإخلاص في القول والعمل ملتزما به مسلكا ومنهجا، وذلك هو السر الدفين في أعماق أنفسهم كشعلة وهاجة تضيء درب السالكين وهو النتاج الطيب والنهاية المشرقة في كل شيء، والأمة اليوم تعيش مخاضا صعبا، ومرحلة دقيقة من تاريخ صراعها المرير، ولا يحل أزمتها إلا الشباب الذي يحول الصغير كبيرا ويجعل من الكبير عظيما بل يحول المستحيلات إلى الممكنات لأنهم الحياة الجديدة التي تدب في جسد هذه الأمة التي عاشت مشلولة الإرادة تعيش بين النور والظلام والديجور وبين الحياة والموت.

والشباب وهو يتأمل هذا العالم المتغير في خضم من المشاكل والإرهاق وإهدار الوقت، يجعل من أولوياته الصدق مع نفسه، في تصور الحلول وتبني برامج نوعية للترشيد والانضباط، لقد كان الآباء والأجداد في وضعية أكثر إشراقا وأوفر سعادة، وشبابنا اليوم يواجه المسافة اللاحقة بين الأجداد وترف الأحفاد هذا الترف المؤدي إلى تلوث البيئة والأفكار والإعياء والخوف الذي يسكن الأحداق من الغد المجهول، والواقع يقول من هم أسعد الناس؟ فأسعد الناس جيل من الشباب صاعد يبحث عن ملامح جديدة لواقع أكثر إخصابا ويستعد لأداء مهمة تعد بالكثير، لذلك فالإنسانية تنتظر إبداعاته، وتترقب إضافاته إنه شباب وليد المعاناة ولذلك فهو يسعى صوب إنجازات جديدة.

الشباب مقياس يجعل الحياة متوهجة غير عاطلة.. (17)

في دنيانا أعلام شوامخ من أفذاذ الشباب بصمات غذاها بآيات من غوص فكره، ودرة إنجازات يحوطها بساعديه من جهاتها الأربع، أتيح له أن يقرأ التاريخ والأحداث طويلا، ويتأمل ويستقي من مقومات الحياة وينابيعها الثرة في تدبر واستيعاب، وبروح المثابرة الحريصة على حب المعرفة وكشف الغطاء عما يتوافق وتطورات حياة الإنسان، وعطاء لا يكون مقصورا على المجتمع الذي ينبت فيه، بل هو عطاء غالبا ما يتجاوزه ليشرق ويغرب على اتساع رقعة أرض الله الواسعة الفسيحة، والشباب نفسه في حياتنا معرفة وعطاء تصنع الإنسان الواعي، والمجتمع المنظم العادل، ودنيا في عالم متفاهم، ولا خير في شباب يسطع كالنجم الثاقب ثم يخبو من جديد، وإنما الشباب المطلوب المتطلع نحو الآفاق الحاضرة والمستقبلية مسلحا بطاقة خلاقة من العلم، وقلب نابض منسجم مع الواقع طموحه نحو المستقبل، بعمل وتفاؤل يضيف أمجادا بتصحيح أوضاع البلاد والعباد لأن قلبه قلب حكيم ساكن لكنه ينساب كالماء الرقراق، يعالج الكثير من مشكلات الحياة، ويتصدى للعديد من معطياتها، وهو الآن يمر بامتحان حضاري وعليه أن ينجح في هذا الامتحان الحيوي اللازم لمواكبة خطى الواقع وتغيراته.

والمعادلة الصعبة هي حتمية التغير مع حتمية التكيف في نفس اللحظة، لأمة مطالبة بالمسايرة والتوافق مع من حولها ممن يتغيرون أو يصرون على التحجر والجمود، والشباب على امتداد الزمان والمكان يحاول أن يضع الإنسان المعاصر على أول الطريق الصحيح، وبمثابة إشارات خضراء تفتح الطريق الطويل للإنسانية نحو حياة أفضل، في حضارة ترسم تصورا خاصا عن الحياة نابعة من نظرة الإنسان للحياة وما يوفر للناس من سمو، وما يؤمن للمجتمعات من سعادة ومرقاة تكرم الإنسان وتنزله المنزلة اللائقة به والتي حباه الله بها، وثمار الحضارة إذا لم تكن لذيذة لا تؤكل مهما حلا شكلها، ونما حجمها.

إن أمتنا تواجه أزمة بل امتحانا عسيرا بل إن الوطن المسلم كله في امتحان، أن يشهد أزمة في المفاهيم واحتلال الهياكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية كما يشهد هذه الفجوة التكنولوجيا الرهيبة والقضايا الملتهبة ويشهد بمرارة الخلافات على طول الأرض وعرضها. والشباب اكتشف دنيا العلاقات البشرية فرآها مشحونة بالتعقيدات والعراك، لذلك علم باليقين أن الحقيقة تكمن باردة متوارية خلف ستار المراوغة بين الخمود والجمود، وعلى أي حال فرحلة الشباب مع الحياة والإنسان الطموح، أدرك لتوه أن الحياة حركة تتجه دوما إلى الأمام، بل من يستعد لصنع معجزة المستقبل، وفي اعتقاده أن يتخذ الواقع كحافز لا كعبء، ولا أزعم أن الشباب كلهم سواسية ولا أنهم في الفضل سواء، وإنما أقرر أنهم صناعة أسر ومجتمع تستمد مبادئها من تعاليم السماء لفتح أقفال القلوب، وإنقاذ التائهين الحيارى، ومعايشة الأخطاء المستشرية في أحضان المجموعة البشرية برفق، يحاول بشق الأنفس جمع الشتات وإحياء الموات، في صحراء القلوب تحت وطأة الصخر واللهب الحارق لعداوات رهيبة تلفح الوجوه والصدور.   

يتبع بحول الله..

المقال التالي

هذا آخر مقال

أرسل تعليق