Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مفهوم الأمل في القرآن الكريم

      ورد مصطلح الأمل مرتين في القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى:

      •  “ذَرْهُمْ يَاكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْاَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ” [سورة الحجر، الآية: 3].

      •  “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ اَمَلًا” [سورة الكهف، الآية: 46].

      والأمل في اللغة الرجاء[1] وهو من التثبت والانتظار[2]، وأَملْتُهُ: تُرَقَّبَتُه[3] إلا أن “أكثر ما يستعمل الأمل فيما يستبعد حصوله”[4].

      وقد اعتبر الأمل والرجاء والطمع مراتب بحسب قرب أو بعد حصول المطلوب، حيث إن من عزم مثلا “على السفر إلى بلد بعيد يقول أَمَلْتُ الوصول ولا يقول: طمعت إلا إذا قرب منها؛ فإن الطمع لا يكون إلا فيما قرب حصوله والرجاء بين الأمل والطمع؛ فإن الراجي قد يخاف أن لا يحصل مأمُولُهُ ولهذا يستعمل بمعنى الخوف، فإذا قوي الخوف استعمل استعمال الأمل”[5].

      فالظاهر من حيث اللغة أن الأمل انتظار لشيء قد لا يتحقق، وهذا ما يوحي به أحد الاستعمالين القرآنيين للمصطلح وهو قوله عز وجل: “ذَرْهُمْ يَاَكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْاََمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ” [سورة الحجر، الآية: 3]، إلا أن الاستعمال الثاني يوحي ظاهره بعكس هذا المعنى حيث وصفت به الباقيات الصالحات وذلك في قوله سبحانه: “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ اَمَلًا” [سورة الكهف، الآية: 46].

      والباقيات الصالحات وردت فيها أقوال منها أنها جملة أذكار هي سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أو أنها الصلوات الخمس أو غيرها من صالح الأعمال كما هو وارد في كتب التفسير عند تفسير هذه الآية.

      لكننا إذا تأملنا في الآيتين معا نجدهما تدلان على أن الأمل له معنى مشوبا بالذم إلى حد ما، وتعلقه بالباقيات الصالحات مقترن بكونه خير الأمل، أما مطلق الأمل فقد لا يكون مرغوبا؛ لأنه يلهي صاحبه عن الطاعات كما جاء في آية سورة الحجر، ويستخلص من ذلك أن الأمل منه ماهو صادق، وهو ما كان بانتظار ما عند الله من ثواب على صالح الأعمال، ومنه ماهو كاذب وهو الذي يلهي الإنسان عن الطاعات بسبب تتبع صاحبه للملذات في الدنيا مع نسيان الآخرة.

      وهذا النوع الثاني هو المذموم وهو الذي وردت فيه أقوال للسلف تحذر منه، كما جاء عن علي رضي الله عنه أنه قال: “أخوف ما أخاف عليكم اثنان: طول الأمل، واتباع الهوى. فأما طول الأمل فينسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق”[6].

 ———————–

  1. مختار الصحاح.

  2. مقاييس اللغة.

  3. الفيومي، المصباح المنير.

  4. نفسه.

  5. نفسه.

  6. أورده السمرقندي في بحر العلوم.

أرسل تعليق