Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مدخل لدراسة المذهب المالكي.. (20)

القياس:

3. القياس على الفرع المقيس:

تقدم وأن رأينا في المقال السابق أن الإمام مالك يقيس الأصل الذي ثبت بنص أو إجماع، وهذا متفق عليه عند الجمهور، لكن في هذه الحالة نجد أن مالك يوسع من دائرة القياس، فلا يشترط أن يكون الأصل عنده ثابتا بنص أو إجماع بل يجوز إثباته بالاجتهاد، وعلى هذا فالقياس على الفرع المقيس هو: “أن الحكم إذا ثبت في فرع من الفروع بقياسه على أصل صار ذلك الفرع أصلا بنفسه، وجاز القياس عليه بنفس العلة أو بعلة أخرى مستنبطة منه[1].

مدخل لدراسة المذهب المالكي.. (20)والقياس على المقيس ينقسم إلى قسمين: فالقسم الأول: أن يكون المقيس عليه فرعا لأصل آخر، بحيث أن العلة في المقيس عليه الثاني هي نفسها في المقيس عليه الأول، وقد اتفق بعض العلماء ومنهم مالك على العمل بهذا النوع من القياس على ما حكاه الشيرازي في اللمع[2]، ومنعه آخرون، بحجة أنه تطويل لعملية القياس لا ينتج عنه أي فائدة.

وفيما يلي نموذج من فقه مالك تثبت إعماله لهذا النوع من القياس:

جاء في العتبية: “وسئل مالك عن الغسال يأخذ ثيابا يغسلها فيخرج إلى الحر فيغسلها وينشرها يجففها فيسرق منها وهو معها لعمله، أن يكون مشتغلا ببعضها يغسله وما أشبه ذلك مما يعالج، إلا أنه معها، أترى على من سرقها قطعا؟ ففكر فيها طويلا ثم قال: لا أرى في ذلك قطعا، وإنما مثل ذلك عندي الغنم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا آواها المراح[3] أو الجرين[4]” فالغنم قد يكون معها صاحبها يرعاها، وهي في الرعي فليس على من سرقها قطع، فهذا عندي يشبهه، ولا أرى على من سرقها قطعا.

وسئل مالك عن الصباغين الذين يأخذون أمتعات الناس من القطف[5] والثياب الصوف والقطن يصبغونها ألوانا فينشرونها على حبال يمدونها على حوانيتهم في الطرق، فيسرق بعض ما على بعض تلك الحبال، أترى أن يقطع من سرق مما عليها شيئا؟ قال: ذلك عندي مثل ما وصفت لك ولا أرى فيها قطعا”[6].

فقد قاس مالك الثياب المغسولة المنشورة والمسروقة على الغنم المسروقة في غير المراح، من عدم وجوب القطع، بجامع أنهما سرقا في غير الحرز، ثم في العملية الثانية، وهي الشاهد أن مالكا قاس الثياب التي تم صبغها ونشرها على حبال الحوانيت للتجفيف، والمسروقة على الثياب المغسولة المنشورة والمسروقة بجامع عدم كونها في الحرز، فيسقط القطع. والأصل الأول هو الغنم التي تسرق..

يتبع في العدد المقبل..

———————————————–

1. الإحكام، الباجي، 572.

2. اللمع، 58.

3. موضع مبيت الغنم.

4. الموضع الذي تجفف فيه الثمار.

5. دثار له خمل.

6. العتبية مع البيان والتحصيل، 16/208-209.

أرسل تعليق