Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين..

      الناس ربما يعملون عملا، أو يبتدئون في عمل، ويقرنونه باسم عزيز من أعزتهم، أو كبير من كبرائهم، ومثل ذلك، موجود أيضا في باب التسمية، فربما يسمون المولود الجديد من الإنسان، أو شيئا مما صنعوه، أو عملوه كدار بنوها، أو مؤسسة باسم من يحبونه أو يعظمونه، ليبقى الاسم ببقاء المسمى الجديد، ويبقى المسمى الأول نوع بقاء للاسم، كمن يسمي ولده باسم والده، ليحيى بذلك، ذكره فلا يزول ولا ينسى.

      وقد جرى كلامه على هذا المجرى، فابتدأ الكلام باسمه عز اسمه، ليكون أدبا يؤدب به العباد، في الأعمال، والأفعال، والأقوال.

      وذلك أن الله سبحانه يبين في مواضع من كلامه، أن ما ليس لوجهه الكريم هالك باطل، وأنه سيقدم إلى كل عمل عملوه مما ليس لوجهه الكريم فيجعله هباء منثورا. وأنه لا بقاء لشيء إلا وجهه الكريم، فالذي عمل لوجهه الكريم، وصنع باسمه، هو الذي يبقى ولا يفنى، وكل أمر من الأمور إنما نصيبه من البقاء، بقدر ما له من نصيب. وهذا هو الذي يفيد ما رواه الفريقان عن النبي صلى الله عليه وسلم، الذي قال: “كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر”. والأبتر هو المنقطع الآخر، وقد ذكر الله سبحانه الغرض المحصل من كلامه الذي هو جملة القرآن العظيم، إذ قال تعالى: “قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اِتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ” [المائدة، 17-18]. إلى غير ذلك من الآيات التي أفاد فيها أن الغاية من كلامه وكتابه، هو هداية العباد، فالهداية جملة هي المبتدئة باسم الله الرحمان الرحيم، فهو الله الذي إليه مرجع العباد، وهو الرحمان الذي يبين لعباده سبيل رحمته العامة للمؤمن والكافر بما فيه خيرهم في وجودهم وحياتهم وهو الرحيم الذي يبين لهم سبيل رحمته الخاصة بالمؤمنين وهو سعادة آخرتهم ولقاء ربهم وقد قال تعالى: “وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، فَسَأَكْتُبُهَا لَلذِينَ يَتَّقُونَ” [الاَعراف،  156] ثم انه سبحانه كرر ذكر السور كثيرا في كلامه كقوله تعالى: “فَاتُوا بسُوَرة مِثْلِهِ” [يونس، 38] وكقوله: “فَاتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ” [هود، 13]. وكقوله: “سُورَةٌ اَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا” [النور، 1].

      فالبسملة في مبتدأ كل سورة راجعة إلى الغرض الخاص من تلك السورة، قال تعالى: “ومن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالاِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ” [البقرة، 107].

 

جريدة ميثاق الرابطة، العدد 757، الخميس 23 رجب، 1417هـ الموافق 5 دجنبر 1996م، السنة التاسعة والعشرون.

أرسل تعليق