Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

قبل فـوات الأوان

      الكوكب في خطر! جملة لم يزل أولو الأيدي والأبصار في المجال البيئي يردّدونها، دون أن يعطي ذلك أُكلا يُذكر.. وقد أحسن آل كور حين شبه البشرية إزاء مشاكلها البيئية بضفدع يوضع في ماء يُسخّن عليه بالتدريج، فلا يلقي بالاً لذلك حتى يهلك.

      الأرقام الراصدة لتطور وتيرة تدميرنا لكوكبنا الذي -وعلى حد تعبير عالم الفلك الراحل كارل ساكان ليس لنا الإمكان راهنا للهجرة إلى غيره، أرقام مرعبة. فتصاعد ما نفرزه عبر أضرب استهلاكاتنا غير الراشدة من ثاني أوكسيد الكربون، ومن غازات مدمرة أخرى، يتم حسب متوالية هندسية، مما أدّى ويؤدّي إلى انحباس حراري بتنا نعيش وخيم نتائجه في مختلف بقاع الأرض، من ذوبان مأساوي للجليد في القطبين، تسبب في ارتفاع منسوب المياه في المحيطات، كما تسبب في ارتفاع درجة حرارتها، وانقراض مريع لكثير من أنواع المخلوقات، وتسوناميات وفياضانات متزايدة، كالذي نعيشه اليوم في استراليا مما أهلك الحرث والنسل وأدى إلى ضياع محاصيل زراعية نحن في أشد الحاجة إليها.. كل ذلك بما كسبت أيدينا رغم النهي عن الإفساد الذي يردده الكون بألسن متعددة، والذي يؤكده الوحي الخاتم بمثل قوله سبحانه: “ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها”.

      لاشك أن البشرية، إن أرادت بصدق وقوة، قادرة على تجنب الكارثة، والحاصل أن لا خيار لنا سوى ذلك، لكن إن نحن أصررنا على كل عاداتنا المدمّرة، وتمنينا مع ذلك الأماني، ولم نبادر إلى الشروع بإحداث التغييرات الضرورية في عاداتنا اليومية، ولم ننخرط على الصعد الوطنية، بمؤسساتنا الحكومية والمدنية لدعم خيارات اعتماد الطاقات المتجددة البديلة، باعتبارها ضرورة ملحة، ولم نَسُنَّ القوانين الحامية للغابات لوقف نزيف اندثارها الذي يعتبر وراء 20% من تنامي ثاني أوكسيد الكربون في مناخنا الجوي، ولم نحرص على تقنين وترشيد استعمال المياه وباقي المقدّرات الطبيعية، ولم نسع إلى تحويل تجمعاتنا العمرانية إلى تجمعات خضراء، بدءا بالتصاميم، وانتهاء بالسلوكيات، في استحضار لأهمية التواصل بخصوص مشاكلنا البيئية الخطيرة، في مؤسساتنا التشريعية، ومدارسنا، وعبر كل وسائل إعلامنا المتاحة، مع التأكيد على الطابع الخطير والاستعجالي لهذه المشاكل، إذ هي خطر كوكبي ماحق لا بدّ من انتزاع الوعي به والاعتراف بإحداقه بنا. إن نحن لم نبادر إلى فعل كل ما تقدّم، فلا شك أن الهول يوشك أن يحل بكوكبنا الذي لا دار لنا سواه!

      ويحق لنا هنا أن نتساءل عن أسباب صَمَمِنا إزاء كل هذه النذر البينة؟ هل نقاومها لأننا نعلم أن لهذا الاعتراف تبعاته؟ حيث سنكون مضطرين للتصرف بما لا تهواه غرائزنا، ولا يرتاح إليه إِلْفُنا؟

      هل نتجاهل هذه النذر لأنها ببساطة لا تلائم مشتهياتنا؟ علما أن التجاهل لا يذهب بهذه المخاطر بل ينميها، أم أن الجهل الناتج عن عدم التوعية بحقيقة وفداحة المشكل، هو الذي وراء هذا التجاهل؟ إن مسؤوليتنا البيئية مسؤولية ملقاة على عواتقنا جميعا، كل بحسب قدراته وموقعه، وإن كل ساعة نضيعها قبل الشروع الجادّ في مواجهة هذا المشكل المزمن والعويص، لا تزيده إلا وخامة واستعصاء وتمكّنا، مما سوف يعرّضنا للعجز عن معالجته حين لن يبقى هناك إمكان للتجاهل؛ لأن الأوان وببساطة سوف يكون قد فـات!

الأمين العام

للرابطة المحمدية للعلماء

أرسل تعليق