Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

عن ضمور فقه المجتمع

      فقه المجتمع في أمتنا، لم ينل من الحظ تنظيرا وبسطا، ما ناله فقه الأفراد، فتراثنا الفقهي، يشهد بأن الثاني كان الاهتمام به ضافيا، بخلاف الأول، مما جعل البعد التنظيمي للمشاركة في هموم المجتمع، وتحمل مسؤولياته يكون ضامرا، الأمر الذي ترك هذه الممارسة لأريحية الأفراد، دون أن يضبطها ضابط، من تنظيم وتقنين، يجعلها أكثر فاعلية واستمرارية.. وهذا أمر وراءه أسباب متعددة، من أهمها؛ أن فقه المجتمع ومؤسساته، نشأ بعيدا عن المجتمع، وانطلاقا من الرأي الواحد، والفهم الواحد، فلم يُبْرَد ويشحذ بالمناظرات والحوارات والرسائل، شأن فقه الأفراد “فقه العبادات بشكل عام”، إذ لم يكن همُّ التنظير للحياة في المجتمع، والممارسات بشتى أنواعها، التي تجري فيه، وهمُّ استنباط الأحكام الخاصة بذلك، همَّ المجتمع، وفقهائه، بل بقي همَّ الدولة، وفقهائها فقط.

      وهذا سبب هام، من أسباب فقر هذا الفقه، وضموره، وقلة مصداقية ما هو موجود منه، مما ينبغي أن يتجاوز، ويستدرك، وإنني لأميل إلى الاعتقاد بأن هذا التجاوز، وهذا الاستدراك، لا يمكن إطلاقا أن يتم خارج المعترك السياسي، وخارج إطار تحمل أمانات ومسؤوليات حقيقية –قلَّت أم كثُرت- من مسؤوليات الأمة، من قِبَل مؤمنين بهذا الدين، معتقدين بصلاحية شريعته لتأطير حياة الناس في كل مصر وعصر، حتى تكون المواكبة لمستأنفات الأحوال بكل الكسب الفقهي اللازم موازنة وتسديدا وتقريبا وتغليبا. وإلا فلن تعدو الاجتهادات أن تكون نظرية علوية مطلقة، متجانفة عن الإشكالات الحقيقية الموجودة في المجتمعات المشخصة والعينية التي تحتاج إلى اجتهادات خاصة بها.. وهي اجتهادات لا غرو سوف تكون أيضا عقب سَيْر في الأرض، ونظر في تجارب الآخرين واستفادة منها.

      والله الهادي إلى سواء السبيل.

الأمين العام

                                                                                                               للرابطة المحمدية للعلماء

أرسل تعليق