Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

رقية الأدوزى… عالمة زمانها

رقية بنت محمد بن العربي بن إبراهيم بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن يعقوب[1] الأدوزية[2] زوجة الشيخ العالم الصوفي علي بن أحمد السوسي الإلغي الدرقاوي”[3] ووالدة العلامة محمد المختار السوسي؛ موسوعة عصرها كبيرة العناية بطلب العلم غزيرة المعارف وكانت من المؤدبات المحترمات لها لمسات بارعة في فنون الأدب والتصوف مع نفننها في علوم القرآن والفقه والحديث وغير ذلك وتعتبر واحدة من أشهر النساء الرائدات في منطقة “إلغ”[4].

وما يميز عالمتنا الجليلة السيدة رقية الأدوزي التي ولدة سنة 1301 هجرية أنها نشأت في بيت علم ودين، وفي أحضان والدها “العلامة سيدي العربي بن محمد بن العربي الأدوزي[5] علامة منطقة جزولة في عصره، اعتكف على تعليمها وتربيتها تربية تليق بأهل بيت الأدوزي، فبفضل هذه العناية الكبيرة التي خصصها لها ولدها حفظت القرآن الكريم و”ختمت سبع ختمات[6] وأخذت عنه مجموعة من العلوم الشرعية المتنوعة فأصبحت واسعة الدراية تعلم نساء عصرها ما تيسر لها من علوم شرعية ومبادئ أخلاقية مثالية..

 وعن أخبارها يحكي لنا صاحب المعسول بقوله “هذه والدتي أذكرها لوصف تعليم القرآن فقد كانت أول معلمة من النساء في الغ ومهذبة البنات في دار والدي فيها انتشر ما انتشر من ذلك فيهن (…) وأول ما أعلنه عن والدتي هذه هي التي سمعت منها بادئ ذي بدء تمجيد العلم وأهله وأكبر تلك الوجهة فكان كل مناها أن تراني يوما ما ممن تطلعوا من تلك الثنية وممن يداعبون الأقلام ويناغون الدفاتر(…) وذلك هو محور دعواتها حولي[7].

هنا تظهر مدى عناية عالمتنا الجليلة بالعلم وتمجيد العلماء، ورغبتها الكبيرة في تعليم ابنها العلامة محمد المختار السوسي الذي بين هذه الأهمية بقوله: “في سحر يوم عاشوراء نحو (1323 هـ) أيقظتني فناولتني كأسا مملوءة ماء فقالت إن هذا الماء ماء زمزم الذي هو لما شرب له وهذا سحر يوم عظيم وهو مضنة الاستجابة فاجرع منه وانوي في قلبك أن يرزقك الله العلم الذي أتمناه لك دائما[8].

رقية الأدوزى... عالمة زمانها

كما كانت رحمها الله تهتم بتعليم النساء وتربية الأطفال والعناية بهم “وأصبحت هي معلمة الدار، والمرشدة والواعظة للوافدات إلى زوجها الشيخ الدرقاوي، وكانت أول معلمة من النساء في إلغ، تعلمهن قراءة الكتب الشلحية الموجودة بكثرة المشتملة على السير والأحاديث والقصص”[9].

ومما يحكيه العلامة السوسي كذلك عن والده أنه أنشد بعض الأبيات عقب توقيعه على عقد زواجه بالسيدة رقيه:

جزاك إله العــــرش خـــير جــــزالة          أيا شيخنا أوليت فوق المنى جرما

زففت لــنا بنتيــــن بنتا لفكــــركـم          وبنتا لصلبكم فــــذى نعمة عظمى

جمعت لنا الأختين فــي عقد واحد          فلم يكن ذاك فــــي قــــضيتنا إثما[10]

ولما وصلت السيدة رقية ومن معها إلى إلغ، وصلتها من والدها أبيات يودعها بها:

فراق بنـــتي صـــعب         علــــى فـــؤادي جدا

لم أرض للـــدهر فعلا         ولــم أطــــق لـــه ردا

لكـن مــــولاي ربـــي         قضـــاؤه لـــن يـــــردا

أفـــنى الفـراق قلوبا         لـــــما رأت لـــك بعدا

لم أر عــــيبا وشـــينا         أعـــــده لـــك عـــــدا

لذاك لــــم أرض صبرا         عنــــــك رقــــــية بدا

ودعــــــتك الله ربــي         يحـفظ لي منك عهدا

 من أين كـنت فقلبي         عني هنـــالك صــــدا[11]

    هذه بعض من أخبار هذه السيدة العظيمة التي كان لها فضل كبير في إخراج علماء أجلاء يضرب بهم المثل في مختلف المحافل العلمية كأمثال ابنها العلامة محمد المختار السوسي وغيرها من نبغاء عصره.. فكانت عالمتنا الجليلة نعم المربية والزوجة والأم، رضي الله عنها وأرضاها. توفيت رحمها الله سنة 1342 هجرية بتزنيت..

—————————————

1. كتاب المعسول للمختار السوسي، الجزء الثالث، ص: 39، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، 1961.

2. نسبة إلى قرية أدوز وهي قرية مغربية توجد بالقرب من مدينة تزنيت، في سوس بجنوب المغرب. وكانت تسمى قبل القرن الثاني عشر الهجري “إداوتسانا” ثم بعد ذلك عرفت بأدوز.

3. أنظر ترجمته في كتاب إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، ص: 1328 المؤلف: عبد السلام بن عبد القادر بن سودة، تحقيق محمد حجي، الطبعة الأولى، 1417هـ/ 1997م، دار الغرب الإسلامي.

4. قبيلة “إلغ” من القبائل السوسية الجنوبية والمنتمية إلى مجموعة القبائل المجاطية، ينتسب اليها، العلم الكبير، والعلامة الجليل، الأستاذ محمد المختار السوسي الالغي، الذي خصص جزءا من مقدمة كتابه المعسول للتعريف بموقعها ووصف جغرافيتها. أنظر كتاب المعسول الجزء الأول، ص: 25.

5. روضة الأفنان في وفيات الأعيان وأخبار العين وتخطيط ما فيها من عجيب البنيان، ص: 147.تأليف محمد بن محمد الإكراري، تحقيق حمدي أنوش، الطبعة الأولى 1998.

6. المعسول ج: الثالث،ج: 3- الصفحة: 39.

7. المعسول ج: الثالث،ج: 3- الصفحة: 39.

8. المعسول ج: الثالث، ج: 3 -الصفحة: 40.

9. المعسول ج: الثالث، ج: 3- الصفحة: 43.

10. المعسول ج: الثالث، ج: 3- الصفحة: 42.

11. المعسول ج: الثالث، ج: 3- الصفحة: 44.

المقال التالي

هذا آخر مقال

أرسل تعليق