Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

تأويل الخطاب ومقتضياته التداولية.. (3)

يرى الشوكاني وهو بصدد الحديث عن قرائن المجاز، -والمجاز من الأسباب الموجبة للاحتمال- “أن القرينة إما خارجة عن المتكلم والكلام، أي لا تكون معنى في المتكلم وصفة له، ولا تكون من جنس الكلام، أو تكون معنى في المتكلم أو تكون من جنس الكلام، وهذه القرينة التي تكون من جنس الكلام إما لفظ خارج عن هذا الكلام الذي يكون المجاز فيه، بأن يكون في كلام آخر لفظ  يدل على عدم إرادة المعنى الحقيقي، أو غير خارج عن هذا الكلام بل هو عينه أو شيء منه يكون دالا على عدم إرادة الحقيقة، ثم هذا القسم على نوعين، إما أن يكون بعض الأفراد أولى من بعض في دلالة ذلك اللفظ عليه كما لو قال: كل مملوك لي حر؛ فإنه لا يقع على المكاتب مع أنه عبد ما بقي عليه درهم، فيكون هذا اللفظ مجازا من حيث إنه مقصور على بعض الأفراد. أما القرينة التي تكون لمعنى في المتكلم فكقوله سبحانه: “واستفزز من استطعت منهم” [الاِسراء، 64] الآية فإنه سبحانه لا يأمر بالمعصية. وأما القرينة الخارجة عن الكلام فكقوله: “فمن شاء فليومن” [الكهف، 29]، فإن سياق الكلام وهو قوله: “إنا أعتدنا” يخرجه عن أن يكون للتخيير(…)، فانحصرت القرينة في هذه الأقسام. ثم القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي قد تكون عقلية وقد تكون حسية وقد تكون عادية وقد تكون شرعية، فلا تختص قرائن المجاز بنوع من هذه الأنواع دون نوع”[1].

تأويل الخطاب ومقتضياته التداولية.. (3)

كما نجده في موضع آخر من كتابه يحدد وظيفة السياق في التبيين والتعيين: “أما التبيين ففي المجملات وأما التعيين ففي المحتملات، وعليك باعتبار هذا في ألفاظ الكتاب والسنة والمحاورات تجد منه ما لا يمكنك حصره[2].

أما الشاطبي فقد أبان عن وعي عميق بمسألة السياق حين قرر أن التعرف على مقاصد الخطاب “إنما مداره على معرفة مقتضيات الأحوال، حال الخطاب من جهة نفس الخطاب أو المخاطب أو المخاطب أو الجميع، إذ الكلام الواحد يختلف فهمه بحسب حالين وبحسب مخاطبين وبحسب غير ذلك كالاستفهام لفظه واحد، ويدخله معان أخر من تقرير وتوبيخ وغير ذلك، وكالأمر يدخله معنى الإباحة والتهديد والتعجيز وأشباهها، ولا يدل على معناها المراد إلا الأمور الخارجة، وعمدتها  مقتضيات الأحوال، وليس كل حال ينقل ولا كل قرينة تقترن بنفس الكلام المنقول، وإذا فات نقل بعض القرائن الدالة فات فهم الكلام جملة أو فهم شيء منه[3].

كما يتجلى هذا الوعي أيضا في تقريره اعتماد أسباب النزول في تحديد المعاني المقصودة للخطاب القرآني، حيث إن معرفة الأسباب “من المهمات في فهم الكتاب بلا بد، ومعنى معرفة السبب هو معنى معرفة مقتضى الحال[4]، كما “أن الجهل بأسباب التنزيل موقع في الشبه والإشكالات، ومورد للنصوص الظاهرة مورد الإجمال حتى يقع الاختلاف، وذلك مظنة وقوع النزاع[5].

يتبع في العدد المقبل..

———————————————————-

1. إرشاد الفحول، ص: 53 وما يليها، تحقيق أبي مصعب محمد سعيد البدري، ط 4، 1993، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت.

2. نفسه، ص: 275.

3. الموافقات، 258/3.

4. نفسه.

5. الموافقات، 259/3.

أرسل تعليق