Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

بإزاء قوله تعالى: “إن هذا القرءان يهدي للتي هي أقوم”

 لكل حضارة أسس ومنطلقات معينة تتحكّم في ولادتها، وتوجه نشوءها ومساراتها، ومن ثم تميزها عن غيرها من الحضارات الأخرى، والحضارة الإسلامية لا تشذ عن هذه القاعدة؛ فلها أيضا أسس ومنطلقات خاصة تحكّمت في ولادتها، ووجّهت نشوءها ومساراتها.

ولعل أبرز ما تميزت به التجربة الإسلامية الحضارية في هذا الخصوص، ما يمكن تسميته بـ”محورية النص”. فقد تبوأ النص (القرآن والحديث) منزلة محورية في مسار تشكّل الحضارة الإسلامية التي أغنت الحضارة الإنسانية خلال قرون طويلة… ويمكن اعتبار الوقوف على طبيعة العلاقة التي تربط العقل الإسلامي الجمعي بهذا النص، مدخلا أساسا وبارزا لفهم مسار الحضارة الإسلامية –كما سماها بعض الباحثين- “حضارة النص”.

وعليه فيمكننا اعتبار نوعية العلاقة التي يربطها العقل الإسلامي الفقهي والأصولي والثقافي والحضاري بشكل عام… بهذا النص، مؤشرا لقياس مدى الازدهار والرقي الذي تعرفه هذه الحضارة.

إن حضارة يتبوأ فيها النص المرجعي هذه المكانة المتميزة، من الطبيعي أن تعترض سبيلها مجموعة من المشاكل –المعرفية بالأساس- في مجالات الاستنباط من هذا النص الكريم المبارك، مشاكل قد تحول أحيانا دون الإسهام الأوفق لهذا النص النوراني في عملية الإحياء والرقي الحضاري.

ولعل من أبرز تلك المشاكل، أن تطفو على سطح الاهتمام أسئلة جديدة/ قديمة نتيجة لما يعرفه الواقع من متغيرات ووقائع (غير متناهية)، تفرض نفسها على النص باعتباره الأساس في هذه الحضارة.

ذلك أن خلود الإسلام وعالميته وصلاحيته، يفترض بالضرورة قدرة النص المرجعي على التفاعل مع كل المتغيرات، كما يقتضي ذلك قدرة النص المؤسّس على صياغة إجابات عن كل المشاكل والأسئلة الوجودية والثقافية… التي تعترض سبيل الإنسان، بغض النظر عن هويته أو لغته أو دينه أو عرقه أو زمانه أو مكانه، مما لا يمكن أن يتحقق، إلاّ إذا تم الاستثمار في الإنسان تكوينا، وتأهيلا، وحضورا ليكون في مستوى مقتضيات وتطلبات تحرير قدرة النص الخاتم على الهداية للتي هي أقوم مصداقا لقوله تعالى: “اِن هذا القرءان يهدي للتي هي أقوم” [الإسراء، 9]، غير أن هذه الهداية لها مقتضى محوري هو الجهاد المعرفي والتزكوي والتكويني كما يتضح من قوله تعالى: “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا” [العنكبوت، 69].

والله المستعان

أرسل تعليق