Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الشباب حدائق الربيع وروح من أرواح الفردوس الإنساني

إذا التأمت قلوب الشباب التأم شمل الإنسانية المعذبة، وخيم الصفاء وابتسمت الحياة، وعاش الكل عال المكانة مرموق الجانب ومحترم، والشباب الإسلامي اليوم عرف أن الدنيا لا تخلو من الأخيار من الناس والشرفاء، وإن دوره وإن تأخر فهو لابد قائم، ولو أن الإنسانية حاولت أن تستفيد من  مصائبها لتحول الفشل إلى نجاح.

ومن لا تؤلمه آلام الإنسانية ولا تضنيه مصائبها، ومن لا يتأثر للجياع وسياط المسغبة يلسعهم فهو متنكر لمقتضيات الدين الإسلامي، وعليه: فالشباب المسلم يجب أن يكون صريحا وواضحا، الصراحة في القول والوضوح في الشخصية، والصفاء في النفس والسمو في المقاصد، شباب يأبى أن يضرب بينه وبين الناس حجابا من الرياء، ويأنف من أن يخيط عليه ثوبا من النفاق.

والشباب المتسلح بالإيمان يملك قوة تدك الجبال الشماء، وترفع الرواسي الشامخة من أماكنها في سهولة ويسر، وساعة استجابة وعون رباني، والشباب المؤمن حينما يدعو الله بقلب سليم؛ فإن الله تبارك وجل شأنه يستجيب له، ذلك لأن الإيمان هو الصلة المباركة العظمى بين الخالق والمخلوق، ويفسح أمام هذه الآصرة الطريق من غير مخاوف ولا سدود، إنها النجدةـ نجدة الله الرحيم للعبد المؤمن ليخرج به من الضيق إلى الفرج.

والله تعالى يباهي بالشباب العالم الإمام، الذي يعيش عمره للتوفيق بين الدين والعلم، بين الشريعة والعقل، بين القلب والفكر، من أمثال هؤلاء الشباب تقتبس البشرية من أعمارهم أعمارا، بها تطول سعادة الإنسان، تطول فتزداد بتجدد الأجيال قوة، وتزداد رغم الزمان جدة وشباب؛ لأن الأطفال تشب ثم تطيب وتنضج على القوة، وعلى العكس لا ينبغي بعد هذا التفاهم والتراحم، أن نترك المجال للشيخوخة والضعف اللذين بهما تنطوي الأعمار فيخبو الضياء بفراغ الزيت من مصابيحه الشبابية.

وإلى كل شاب يؤمن بآدميته وإنسانيته أوجه نداء؛ لأنني أشعر بألم والمرارة وأنا أرى أغلب الشباب في لهو وعبث، لا يحسون ولا يدركون، وظروفنا الحاضرة في أشد الحاجة إلى العمل والإنتاج واستمرارهما، أوجه النداء إلى كل بيت ومدرسة، إلى كل مسؤول ومعلم، إلى كل أستاذ جامعي داخل حرم الجامعة، إلى كل صحفي وكاتب وأديب، أننا لسنا في حاجة إلى القصص العاطفية والأفلام الخليعة، أقول للجميع: إن عليكم عبئا كبيرا في هذه الفترة من تاريخنا المأزوم المهزوز، عبئا لا يقرر مصير أفراد أو شعب، وإنما مصير البشرية جمعاء.

الشباب حدائق الربيع وروح من أرواح الفردوس الإنساني

وباسم الله نبدأ فالأقلام المتعددة المشارب، موائد للفكر المتعددة، تتحفنا بألوان مختلفة، إن شئت عاجلتها فورا، وإن شئت أبقيت عليها حفظا بغير ثلاجة، منها للعقول غذاء، وللأنفس ريح طيب وريحان، وأنا أرجو لشبابنا العمر الشبابي الطويل، والنفع الكبير، فالبسمة التي يبتسمها الشباب، من النوع الذي يحمد حين تخرج بين شارب ولحية، والأقلام تقتضي التجديد والتغيير مصداقا لقول من قالوأ: “لن نصبر على طعام واحد”.

والشباب الطامح يسلك السبيل القويم، ذلك لأن الطموح مطلب حلال، وبمقدار ما يجتهد الشباب، يكون مكانه بين الناس، وهذا الطموح يدل على روح وثابة وآمال محببة وبالمران الطويل، وعلينا أن نسأل أنفسنا ماذا قدمنا للشباب حتى يحقق نجاحا يفوق كل التنبؤات للبشرية المصدومة، وإذا وجدت البشرية المتشرذمة وحدتها الإنسانية يوما ما، فلا شك أنها تجدها حول التفافها بالشباب، شباب يستمد قوته الإبداعية البانية لجسور التواصل بين الإنسان وأخيه الإنسان، وبأنه أداة من أدوات التاريخ الزاحف، والشباب ضرورة أوجبتها حتمية التاريخ المتحرك.

ولا ننسى أن الشباب خليط عجيب من البشر، شبان وشابات من كل جنس ولون، فيهم ظمأ للاطلاع على حضارة الإسلام التي أقيمت على أكتاف الشباب، يقطعون ألوف الأميال بالطائرات والسيارات والعبارات دارسين حضارة الإسلام والمسلمين، لعمري إنه لإحساس غريب ينتابني وأنا اشاهد المتجولين بأبصارهم وأرواحهم في هذه الأماكن التاريخية المجيدة، إحساس إنسان القرن الواحد والعشرين، وهو يجد نفسه فجأة يعيش حياة القرون الوسطى، حيث السكينة والوقار، ليقارن بين الحاضر والماضي، الماضي الذي وهب الإنسانية الطمأنينة والإحساس بالسلم، وحاضر مشحون باللذة التي هي حقا حياة التفكك والتمزق والانفصال،، والفوضى وانعدام التكامل، حياة إنسان يعيش صريعا لحالة مستمرة من الشد والجذب.

عالم شقي يبحث عبثا عن السعادة، عالم مادي يتوهم أن حساب اللذات هو الكفيل لتحقيق تكامله النفسي، وينسى أنها حياة عاصفة ونهاية فاجعة، إنه كلما ترامت حدود المعرفة الإنسانية واتسعت آفاقها، إلا وتجددت الحاجة إلى تنقيح الآراء والمعتقدات وتصحيحها بالإسلام الذي هو الدين الخاتم، الذي يلاءم المعرفة المتطورة والعلم الجديد، يحمل مشعله شباب مجرد يحسن عرض الموضوعات التي يتناولها، يملك حماسة في التعبير عن آرائه ووجهات نظره، لافتا للأنظار ومثيرا للدهشة، داعيا إلى إعمال الفكر لطرافتها وأصالتها وجرأتها، ولا يماري أو يواري ليعلم العالم أجمع احترام حرية الفكر، والإعجاب بالصدق والإخلاص، وكراهة العنف، وإيثار التسامح مع المخالفين، والاعتماد على الشرع والعقل للإقناع والدخول في بوابة السلام.

وللشباب عين البصيرة من منافذها يبصرون بعقولهم وأفكارهم، ويشاهدون المستقبل والحاضر مشدودا بالماضي، لكن ما هو شأن المستقبل وكيف يراه الشباب؟ والمستقبل رؤية وأحداث مسجلة على صفحات الغيب، والغيب علمه عند الله، إذن ففي الأمر سر، فما هو السر الذي يجعل الشباب يغامر سباحا في أمواج نسميها عالم المستقبل، مدفوعا إلى المضي قدما بتصورات زاهية من الخيال المجنح، وإذا انقطع هذا الرباط فمن يجمعه مع إخوانه الشباب على وجه الأرض، وبدون هذا الرباط يتيه في عالم اللانهائي، ويضل طريقه الذي ينير مسالكه ودروبه مع لداته وأقرانه، ليعيش الكل في حالة تسام عن العالم الأرضي ليصلوا إلى عين الحرية متآزرين في (تبر) المعاني ويتقاسمون درها وجوهرها.

والشباب نظرات نافذة وآراء صائبة لا تخطأ غالبا، يبدعون فيها إبداعا، وهم الذين يصارعون الأحداث، ويستمدون من ذلك مثلا عليا، وأمثالا تضرب للناس، وستظل الأجيال ترددها، وتبقى خالدة ما بقيت الحياة.

والله المستعان

أرسل تعليق