Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

التخليق بالأسوة رصد لآليات التخليق بالأنموذج وإجراءاتها – مقاربة مقارنة.. (8)

 ثالثا. حالة التأسِّي في المجالين الفردي والاجتماعي

عانت البشرية كثيرا -ولا تزال- في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية من جراء عدم الاستبصار بمعالم وسمات الإنسان السوي والمجتمع السوي، اللذَين ينبغي أن يشكلا الوحدة القياسية التي يجب أن يُتيمّم شطرها بالمناهج والبرامج التربوية، وكذا بمختلف أنواع الكسب العلمي والعملي في المجالات الاجتماعية.

ولذلك نرصد في مختلف حقب تاريخ البشرية المعروف، كثيرا من التخبطات وأضرب الخرص في المجالات التربوية والاجتماعية والإنسانية بسبب غياب هذا الوعي الأساس.

وتأتي الأهمية البالغة للوحدة القياسية الدالة على حالة السواء، من كون التعرف على حالات الاختلال والانحراف لا يمكن بدونها، كما لا تمكن بدونها معالجة هذه الاختلالات والانحرافات. وهذه حقيقة ماثلة في مختلف مجالات العلوم المادية والإنسانية، غير أنها أجلى وأظهر في العلوم المادية البحتة منها في العلوم الإنسانية.

ولنأخذ مثالا على ذلك علم الطب. فهذا العلم يتمَفصل حول محاور ثلاثة:

1. العلم بالجسم وأعضائه في حالة السواء، والتعرف عليه شمولا وعلى وظائفه، ثم التعرف على أعضائه تفصيلا وعلى وظائفها، وهو علم الأناتوميا والهيستوسيتولوجيا؛

2. العلم بحالات الانحراف والقصور التي تطرأ على الجسم وعلى أعراضها وأوصافها وأسمائها تفصيلا، هو علم السيميوباتولوجيا؛

3. العلم بكيفية رد حالات الانحراف إلى السواء مرة أخرى بالصيدلة أو بالجراحة، وهو علم الفارماكولوجيا وعلم الجراحة..

والعلمان الثاني والثالث يتفرعان عن العلم الأول، إذ لولا العلم بحالة السواء وضبطها لما أمكن الوقوف على حالات الانحراف ثم لما أمكن ردها إلى حالة السواء بعد ذلك مرة أخرى؛ إذ كيف يُرَدُّ الاختلال إلى السواء إذا لم يمكن التعرف عليه؟ وهو أمر غير وارد ما لم تكن حالة السواء الشاهدة معروفة بتفصيل وتدقيق بحيث يسهل تبين التغيرات التي تطرأ عليها ذاتا وأداءً.

غير أن هذا -وكما سلف- رغم وضوحه في العلوم البحتة الكونية فإنه ليس بالوضوح نفسه في العلوم الإنسانية والاجتماعية..

والله المستعان

أرسل تعليق