Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الحركة العلمية في عصر السعديين.. (9)

الهيئة العلمية وآثارها

الحركة العلمية في عصر السعديين.. (9)

ومن العلماء الذين اشتهروا في هذا العصر “القصار” أبو عبد الله محمد بن قاسم القيسي الفاسي عرف بالقصار الفقيه المحدث النسَّابة، ولد بفاس سنة 938 وأخذ بها عن مشائخ عدة وبرز في الحديث فصار إماما فيه مقدما على غيره تضرب أكباد الإبل للأخذ عنه والسماع منه، وكان نسابة واعية، عارفا بتشعب الأنساب ومحل افتراقها واجتماعها حافظا ثقة عدلا ضابطا شديد الإتباع للسنة، ظاهر الخشية والورع على قدم السلف الصالح، ولي الفتوى على عهد أبي العباس المنصور والخطابة والإمامة بمسجد القرويين، وسعى الحسدة في تأخيره عن هذه الوظائف عند خليفة السلطان على فاس؛ فكتب السلطان من مراكش بتجديد عهد الولاية له قائلا إننا لا نبدله بمن هو مثله فضلا عمن هو دونه.

وولي أيضا نظارة أحباس الضعفاء والمساكين، وكان لا يولاها إلا ذوو الدين المتين من العلماء العارفين بقسمة الأرزاق العادلين فيها مثل يحي السراج الذي كان ناظرها قبل القصار.

وبقي القصار حاملا راية العلم بفاس والمغرب، ناهضا بأعباء ما كلف به من الوظائف، حتى اخترمته المنية في رمضان 1012؛ فانتقل إلى الدار الآخرة بعد أن جدد معالم الدين الدراسة، وأحيى مراسم العلم الطامسة. وطار له صيت عظيم في بلاد المشرق والمغرب، فحدث الشيخ عبد الواحد بن عاشر أنه لقي بمصر في رحلته الحجازية الشيخ عبد الله الدنوشري فسأله عن أشياخه فذكر منهم القصار فقال الدنوشري يمدحه:

قد حــاك شـــقات العلوم أيمه         وكسوا بها بالفضل من هـو عار

رقت حواشيها وراق طـرازهـــا         لكــــــنها تحـــتـــــاج للقـــصـار

وقد وضع بفقده علم كثير؛ لأنه لم يؤلف كتابا قط، ولم يخلف بعده أثرا يذكر ما عدا فهرسته وانضمامه الكثيرة ومسوداته التي بيعت وزنا بالأرطال..

يتبع في العدد المقبل..

عن كتاب النبوغ المغربي في الأدب العربي تأليف العلامة عبد الله كنون الجزء الأول، ص: 246-247 دار الثقافة .

أرسل تعليق