Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

٪ تعليقات

إسهامات الإمام عبد الواحد بن عاشر في القضاء

 يشكل القضاء حاجة ملحة وأساسية للحياة البشرية لا يمكن الاستغناء عنها؛ لأن الإنسان اجتماعي بطبعه وميال بفطرته إلى هضم حقوق الآخرين أو الاعتداء عليهم، حتى في الحياة البدائية البسيطة، فبالأحرى في المجتمعات الحديثة، حيث تعقدت الأمور بشكل كبير، وأصبحت ظروف العيش والحياة صعبة وقاسية، وضعف الوازع الديني والأخلاقي، وتراجع الإيمان بالمبادئ والقيم العليا، وأصبحت الغاية تبرر الوسيلة.

وقد اجتهد الإنسان منذ خلقه الله تعالى في البحث عن وسائل تفي بحاجته الماسة إلى القضاء والعدل، حتى يأمن على نفسه وماله. وقد اهتمت الرسالات السماوية كلها بالقضاء، لكن الإسلام تميز بوضعه في مرتبة عليا، واعتبره أجل وظيفة بعد الخلافة، التي يعتبر جزءا منها، مصداقا لقوله تعالى: “يا داوود إنا جعلناك خليفة في الاَرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله” [ص: 25]، وقوله تعالى: “اِنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما” [النساء: 104].

ووردت أحاديث كثيرة حول مكانة القضاء وفضله، كقوله صلى الله عليه وسلم: “لا حسد إلا في اثنين، رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمه[1].

وقد تولى النبي -صلى الله عليه وسلم- القضاء بنفسه، كما عين بعض صحابته قضاة كمعاذ بن جبل الذي بعثه قاضيا إلى اليمن. وبعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- تولى الخلفاء الراشدون القضاء بأنفسهم، كما عينوا قضاة ينوبون عنهم في الأمصار البعيدة والحواضر الإسلامية الكبيرة، وتحروا العلم والتقوى والورع في اختيار القضاة. كما شددوا في مراقبتهم، وتعتبر رسالة عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري بمثابة دستور للقضاء الإسلامي الذي ازدهر في العصور الإسلامية الأولى وتبوأ مركزا متقدما في الشريعة الإسلامية، حيث مثل الصورة الحقيقية والأداة الضرورية للتطبيق السليم للأحكام الإلهية، وبذلك شكل العمود الفقري للدولة الإسلامية.

وقد قام القضاء الإسلامي بدوره كاملا، فأقام العدل ووفر الأمن والأمان في البلاد وللعباد، فكان مفخرة للأمة الإسلامية في تاريخها المشرق خلال قرون عديدة قبل أن تتسرب عوامل الانحطاط والتدهور إلى هذه الأمة، والتي أدت في النهاية إلى وقوعها فريسة الاستعمار.

ومنذ نشأة الدولة الحديثة برزت بشكل واضح من جديد أهمية دور القضاء والحاجة الملحة والماسة إلى سلطة قضائية تحتكرها الدولة، وتختص بالفصل في النزاعات بين أفراد المجتمع أنفسهم أو بينهم وبين الدولة ومؤسساتها، ومن تم أصبحت الحماية القانونية إحدى أهم الوظائف الأساسية المتصلة بسيادة الدولة، ولهذا كان –وما يزال وسيظل كذلك– القضاء من المهام الجليلة والوظائف العظمى التي كانت على الدوام محل تقدير وتعظيم وتشريف.

وقد أسهم الإمام ابن عاشر في هذا المجال بأوفر نصيب، ولا غرابة في ذلك، فهو يعد من أبرز فقهاء المالكية الذين كان لهم باع في شتى العلوم الإسلامية، اشتهر بعلمه الغزير في مجال الفقه وفي مختلف العلوم، ولمكانته العلمية في وسط فاس، كان يهرع إليه لاستفتائه في الأمور العلمية والفقهية، وأحيانا يبدي رأيه في المسائل دون أن يطلب منه ذلك، عندما يرى أن غيره لم يشف غليلا[2] .

ومن المسائل التي أسهم بها الإمام ابن عاشر في إثراء الفكر القضائي نذكر ما يلي:

منظومة النكاح والطلاق وتوابعهما

تتناول هذه المنظومة بالدرس جانبا من الفقه الإسلامي ذا أهمية قصوى في الحياة المتعلقة بالأسرة التي هي عماد المجتمع [3]، والتي تشكل أحد القضايا المندرجة في سياق المجهود التنموي العام؛ إذ حرص جلالة الملك محمد السادس –أيده الله- منذ تحمله الإمامة العظمى، على إخضاع موضوع النهوض بأوضاع الأسرة وإدماجها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ووضعها مؤسساتيا في شتى مواقع القرار المفعل لبناء الدولة الديمقراطية العصرية، في إطار إستراتيجية تستمد مرجعيتها من ثوابت مؤصلة دستوريا وتاريخيا وتقليديا في المجتمع المغربي.

وقد ظلت منظومة” النكاح والطلاق وتوابعهما” لسيدي عبد الواحد بن عاشر مجهولة، ولم يُسمع أن الإمام ابن عاشر ألف منظومة غير منظومة “المرشد المعين”، إلا عند المتخصصين من العلماء.

وقد تعرض الإمام ابن عاشر في هذه المنظومة لجانب من بعض أبواب المعاملات، مبوبة تبويبا يسهل على رجال القضاء مهمتهم، حيث تعرض فيها لما يتعلق بالنكاح والطلاق والظهار، والإيلاء واللعان والخلع، والرضاع والردة الاستبراء، والطوارئ على العدة و الاستبراء والحضانة.

وتبعا لذلك تأتي هذه المنظومة لأحد أعمدة فقهاء وسادة المالكيـة، لتضاف إلى سلسلة من أجل المؤلفات في الفقه المالكي فيما يلزم القضاة من الأحكام في مجال الأسرة وفق مذهب الإمام مالك بن أنس -رضي الله عنه- [4].

علــم الفرائـض

وللإمام عبد الواحد بن عاشر أيضا معرفة بعلم الفرائض [5]، وهو علم شريف يتعلق بمعرفة فروض الوارثين والوارثات وقسمة التركات، وقد حث الشارع الحكيم على تعلمه حتى لا يندثر بالإهمال والنسيان، ويصبح المسلمون في جهل لا يعرفون معه حكم الله في الفريضة. ولأهمية قسمة المواريث قسمة عادلة بين الناس، فإن الله تعالى لم يكل قسمتها إلى أحد، بل تولاها بنفسه؛ لأنه أعلم بمصالح العباد حتى لا يستأثر أحد بشيء ليس من حقه دون الآخر، مراعيا سبحانه في هذه القسمة مركز كل واحد من الوارثين والوارثات، وقربهم من الهالك وانتسابهم إليه ومدى تحملهم لأعباء الأسرة بعد موته، وقد تضمن هذه المبادئ الكتاب السادس من المدونة الجديدة للأسرة. ونظرا لأهمية هذا العلم في المنظومة القضائية ومكانته الرفيعة في الفقه الإسلامي، أولاه فقهاء وعلماء المغرب والأندلس خاصة اهتماما خاصا، باعتباره من المهام الموكولة لمساعدي القضاء، هدفها الأساس حفظ الحقوق والحفاظ عليها، وفض النزاعات والفصل في الخصومات، بالإضافة إلى المساهمة في التنمية العقارية والاقتصادية والاجتماعية وتحصيل الموارد وضبط الواجبات المفروضة على المعاملات العقارية وغيرها.

شهادة اللفيف

لقد احتلت هذه الشهادة على مر التاريخ قيمة كبيرة في الحياة القضائية المغربية، وما جرى به العمل في شهادة اللفيف هو أن المشهود له يأتي باثني عشر رجلا، إما مجتمعين أو متفرقين إلى عدلين منتصبين للشهادة، فيؤدون شهادتهم عندهما، فيكتبان الرسم على حسب شهادتهما، ويضعان أسماءهما عقب تاريخه، ويشيران إلى ذلك في أول الرسم ثم يكتبان رسما آخر تحت هذا الرسم، فيه تسجيل القاضي: أي الشهادة عليهما بثبوت الرسم الأعلى وصحته عنده، ويترك موضع اسم القاضي بياضا، ثم يطلع القاضي على ذلك فيضع بخط يده تحت أسماء الشهود خطابه، ويضع علامته في موضع البياض من الرسم الثاني، ثم يضع العدلان علامتهما في أسفل هذا الرسم الثاني شهادة على القاضي بمضمنه [6].

وقد حضر الفقيه عبد الواحد بن عاشر مناظرة حول شهادة اللفيف بمجلس قاضي الجماعة  بفاس علي بن عبد الرحمن بن عمران [7]، وانتهى إلى قول القاضي بن عمران أن اللفيف لا مستند له، وإنما هو شيء اصطلح عليه المتأخرون لعذر عدم وجود العدول، كما هو الشأن بالبادية وبعض الحالات الخاصة بالحاضرة.

وقد عمل به الإمام عبد الواحد بن عاشر في منظومة النكاح والطلاق وتوابعهمــا؛ إذ يقول في كتاب النكاح:

ولا نكـاح إلا بـولـي            مـع صداق طيـب مرضي
وشاهدي عدل فإن لم تثبت          استكثروا من الشهود عدة
نحو الثلاثين والأربعـين        من اللفيـف من المسلميـن

والرأي الذي انتهى إليه ابن عاشر حول شهادة اللفيف تبناه المجلس الأعلى في بعض قراراته، فرغم أن القضاء المغربي يعتمد هذه الشهادة في عديد من القضايا خاصة العقارية منها والأسرية، فإن آراءه قد تضاربت بخصوص هذه الشهادة، ويرجع سبب ذلك إلى اعتماد كل غرفة من غرف المجلس الأعلى على مرجعيات قانونية مختلفة، فإذا كانت الغرفة الشرعية ملتزمة بالفقه المالكي في معالجة القضايا المتعلقة بالعقار غير المحفظ، فإن الغرفة المدنية -على العكس من ذلك- تقلل من قيمة شهادة اللفيف، على أساس أن المشرع لم يتناولها بالتنظيم في قانون الالتزامات والعقود وقانون المسطرة المدنية.

ومن بين القرارات المؤيدة للعمل بشهادة اللفيف ما أكده القرار التالي: “إذا كان شهود لفيفية ما لم يشهدوا بتحديد العقار المشهود ببيعه، ووقع الإدلاء بلفيفية ثانية يشهد شهودها بمعرفتهم وتحديدهم للمشهود فيه،وأن البيع وأداء الثمن تم بحضورهم ولم يقع الطعن فيها بأي طعن، فإنه لا يحق للمحكمة أن تستبعد هذه الحجة” [8]، كما اعتبر في قرار آخر اللفيف بمثابة شهادة العدول في إثبات الحقوق وليس مجرد لائحة شهود ولا يلزم شهوده بأداء اليمين ” [9].

غير أن المجلس الأعلى في قرارات أخرى ناقض ما سبق أن أثبته، واعتبر في أحد قراراته أنه: “لا يقبل اللفيف في إثبات بيع العقار الذي يجب أن يكون في محرر ثابت التاريخ” [10]، كما اعتبره في قرار آخر -من حيث المحتوى- مجرد شهادة يخضع في تقدير قيمته لسلطة قاضي الموضوع [11].

وفي الوقت الذي لاحظ فيه بعض الفقه ضرورة إلغاء هذه الشهادة نتيجة الخلل الذي اعترى الآليات التي تقوم عليها، وفراغ التشريع المغربي من ضوابط تحكم هذه الشهادة وغيرها من المؤاخذات، لاحظ بعضهم الآخر، أنه لا يمكن إلغاء هذه الشهادة، بل يجب العمل على تطويرها باعتبارها ثروة فقهية للمذهب المالكي، حيث لا تزال تشكل عمدة القضاء المغربي في عديد من القضايا العقارية والأسرية، وملجأ للناس من أجل المحافظة على ممتلكاتهم وصيانة حقوقهم، وتبعا لذلك، أكدوا على ضرورة العمل على جمع ضوابطها من الكتب المتخصصة وتنقيحها، وتقنينها في شكل نصوص قانونية تجمعها مدونة التوثيق مادام العلماء قد أجازوا العمل بها منذ قرون، حتى أضحت أهم وسيلة إثبات في القضاء المغربي في عديد من المجالات.

الجلســة

ومما أفتى فيه الإمام ابن عاشر مسألة الجلسة أوالمفتاح، والذي يعني حق البقاء في العقار المستأجر، حيث قال ببطلانها ومنعها[12] . وحق الجلسة هو من الحقوق العرفية الإسلامية، يطلق عليه أيضا حق الحلاوة أو حق الخلو [13]، وغالبا ما يقع على العقارات المبنية العائدة لأملاك الدولة أوالعقارات المحبسة.

وصورة الجلسة عقد إيجار مقابل مبلغ معلوم، ويقع عادة على المحلات الصناعية والتجارية، يقوم صاحب الجلسة بتجهيزه بالمعدات اللازمة لهذه الحرفة، كما أن المالك قد يقوم بتجهيز المحل بالمعدات ويؤجره لأحد أصحاب المهنة بأن ينشئ له حق جلسة على المحل ومعداته، ويتعين مراعاة قيمة المعدات والمواعين عند تقدير الأجرة. ومتى تم إنشاء هذا الحق، فإنه يمنح صاحبه حق التمتع بالمحل المكترى بصفة الدوام، مقابل إعطاء عائدات دورية لمصلحة المكري، وهذا الحق يقبل التداول بعوض أو بدون عوض سواء بين الأحياء أو بسبب الوفاة. ومسألة الجلسة من المسائل المرتبطة بالمجال العقاري، ولا يخفى عليكم المشاكل التي كان وما زال يطرحها على الصعيد العملي، والتي تشكل أحد الأسباب الرئيسة لتعدد القضايا العقارية، واستغراق الفصل فيها عشرات السنين، الأمر الذي ينعكس سلبا على السياسات الإصلاحية التي تنهجها الدولة في الميادين المرتبطة بالمجال العقاري.

هذه، إذن، بعض إسهامات الإمام عبد الواحد ابن عاشر في مجال القضاء، ارتأيت إثارتها والتنبيه إليها لأبرز أن إمامنا وعلى غرار تفننه في العلوم الأخرى، تفنن أيضا في علم القضاء، وهو جانب من الجوانب التي تحتاج إلى دراسة خاصة في حياة الشيخ -رحمه الله-، خاصة وأن القضاء قد تزايد الاهتمام به في الآونة الأخيرة من لدن جميع فئات وفعاليات المجتمع، أفرادا وجماعات وهيئات مدنية وحقوقية، بل وامتد هذا الاهتمام إلى المنظمات والمعاهدات والمواثيق والعهود الدولية؛ لأن الجميع أدرك أن القضاء ليس فقط ركنا أساسيا في بناء دولة الحق والقانون، ولكنه شرط أساس لتوفير الأمن القانوني والظروف الملائمة لحماية وتشجيع الاستثمارات الضرورية لضمان تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة.

——–

1. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب: الاغتباط في العلم والحكمة.

2. عبد المغيث مصطفى بصير، الفقيه عبد الواحد ابن عاشر، حياته وآثاره الفقهية،  دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الأولى1407هـ 2007 م، ص 133.

3. أشير في هذا المجال أنني بصدد دراسة وتحقيق هذه المنظومة، وسأقوم بطبعها قريبا إن شاء الله.

4. تنص المادة 400 من مدونة الأسرة على أن: “كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة، يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعي فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف.

5. العلامة محمد بن أحمد بن محمد الفاسي الشهير بميارة مختصر الدر الثمين والمورد المعين على منظومة المرشد المعين على الضروري من علوم الدين لسيدي عبد الواحد ابن عاشر، مطبعة فضالة، المحمدية، المغرب، بدون تاريخ. ص: 8.

6. للمزيد من التفصيل حول شهادة اللفيف، انظر: شهادة الشهود في القضاء الإسلامي، دراسة تاريخية فقهية مقارنة للدكتور عبد السلام العسري، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في العلوم الإسلامية والحديث تحت إشراف الدكتور شكري السباعي، دار الحديث الحسنية ، الرباط، السنة الدراسية 1998_1999. ص: 770 و ما بعدها.

7. كان فقيها قاضيا، ولد سنة 960ﻫ، وتوفي سنة 1018ﻫ، وكانت له مشاركة في النحو، مات -رحمه الله- مسموما بسجن الأمير زيدان بن المنصور.

8. قرار المجلس الأعلى عدد 611 صادر بتاريخ 13/09/1978، منشور بمجلة ندوات محاكم الاستئناف، العدد الأول ص: 167.

9. قرار المجلس الأعلى عدد 354 صادر بتاريخ 21 مارس 1987 ملف عقاري 4212\84 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 40 ص: 149.

10. قرار المجلس الأعلى عدد 3273 صادر بتاريخ 19/05/1998 منشور بمجلة ندوات محاكم فاس، العدد الأول ص: 173.

11. قرار المجلس الأعلى عدد 809 صادر بتاريخ 25\12\1982 في الملف المدني عدد 47497، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 31 ص: 45، الإصدار الرقمي دجنبر 2000، مركز النشر والتوثيق القضائي.

12. حاشية الدسوقي على مختصر خليل، ج 3 ص 433، وانظر أيضا: عمر الجيدي، العرف والعمل في المذهب المالكي، مطبعة فضالة، المحمدية، 1404هـ 1984 م. ص: 468  وما بعدها.

13. زيد قدري باشا، مدخل لدراسة القانون، نظرية الحق ص: 27، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1987.

التعليقات

  1. ثريا - باحثة في القضاء

    بسم الله الرحمن الرحيم

    جزاك الله خيرا أستاذة على إضاءتك لهذا الموضوع المهم فعلا، فكوني من المهتمات بموضوع القضاء خاصة الشرعي منه، لم أكن أعلم أن قضاء المجلس الأعلى قد استعمل أحكام التي أوردها ابن عاشر في تبرير قراراته.

    مرة أخرى أشكرك ونتمنى أن تعاودي اللقاء بنا في هذا المنبر بموضوع جديد يبحث في الفقه والقضاء.
    وفقك الله تعالى.
    .

  2. رقية أيت الدوش

    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه

    أحيي الباحثة الكريمة على هذا الموضوع المهم والذي يأتي في سياق وطني فتح فيه الحوار حول "إصلاح القضاء" كضرورة أساسية لتقدم المجتمع وضمان الأمن والعدل الذي بهما تستقيم الحياة، وأود أن أشير في هذا الصدد إلى بعض النقاط أرجو أن تكون مفيدة،
    الأولى تتعلق بتراثنا القضائي:

    فقد خلف لنا علماؤنا تراثا فكريا مهما، منه المطبوع، ومنه المخطوط، ومن تراثهم في هذا المجال كتاباتهم في موضوع مهم، وقضية من القضايا الأساسية والضرورية في حياة الأفراد والمجتمعات، بل به يقاس تطور الحضارات وتميز الشعوب والأمم، ألا وهو" القضاء"، وهو قضية كما نلاحظ تتجدد في كل عصر وزمان؛ تتجدد في قضاياها ومتطلباتها وشروطها.. الخ،
    ونتمنى أن تتجه همم الباحثين إلى خدمة هذا التراث القضائي؛ تحقيقا لمخطوطاته، ودراسة لقضاياه، واستنباطا لشروط تطويره، وتحريرا لوسائل وأبواب الاجتهاد فيه، وضبطا للثابت والمتغير فيه، واستحضارا لتجارب السابقين.. الخ، وكل هذا حرصا على الربط العلمي والمعرفي والتاريخي بين ماضي الأمة وحاضرها؛
    الثانية: منهج التعليم والتكوين:
    لاشك أن "المنهج" يشكل قضية محورية في أي بناء معرفي ثقافي وحضاري، وأن أعظم استثمار هو الاستثمار في "الإنسان"، وأن المدخل المعرفي هو من المداخل الكبرى في إعداد وتأهيل الإنسان الصالح لعمارة الأرض؛ فالعلم النافع والمنهج الصحيح ينتجان الكفاءة البشرية المؤهلة للقيادة الرشيدة.
    وعلماءنا الأجلاء اهتدوا من خلال قيادتهم لمجالس العلم، وإعداد من يخلفهم في حمل مشعل العلم والمعرفة والبناء، إلى منهج تعليمي يسهل على الطلبة استيعاب المبادئ الكلية لأي علم، والتمكن من استدعائها وقت الحاجة؛ وهذا المنهج هو اعتماد طريقة "المنظومات التعليمية" حيث يعمد الناظم إلى سبك المعلومات المتعلقة بأي علم- لغوي أو فقهي أو أصولي أو حديثي..- في شكل كلام موزون منظوم يسهل حفظه.
    وقد انتشرت هذه الطريقة في المغرب خصوصا في المدارس العتيقة، حيث يتنافس الطلبة في حفظ متون العلوم ومنظوماتها، وفي هذا السياق تدخل منظومة الشيخ ابن عاشر، التي نرجو لفضيلة الدكتورة المحترمة التوفيق في تحقيقها وإخراجها ليستفيد منها المهتمون.

  3. خديجة دودو

    إن الهم الشاغل للمشرع المغربي في الآونة الأخيرة، يرجع بالأساس إلى إصلاح القضاء، وخصوصا بعد الخطاب الملكي الذي ألقاه صاحب الجلالة نصره الله في خطاب العشرين من غشت الماضي، والذي أكد فيه على إصلاح القضاء وتفعيل الوسائل البديلة لحل النزاعات من تحكيم وساطة… الخ
    فالإصلاح في حد ذاته يجب ألا يقتصر على مواكبة التطورات الراهنة في المجالات التجارية والعقارية والتكنولوجية… والزيادة في عدد المحاكم، وتأطير القضاة فقط، بل يستدعي من الفاعلين في هذا المجال العمل إلى جانب ذلك على تحسين مستوى عمل قضاتنا وتيسير السبل لذلك، أخدين بعين الاعتبار إحياء ما توصل إليه شيوخنا وائمتنا والعمل به من خلال بلورته بما يتماشى مع هذا التطور، لذلك أحيي الباحثة على خوضها في هذا المجال فقد أجادت فأفادت وأثارت مسائل يستوجب الرجوع فيها إلى ما عمل به ائمتنا وشيوخنا أمثال شهادة اللفيف، وحق الجلسة، {نظرا لأهميتها في مجال العقار والإثبات…}.
    فما أحوجنا إلى مواضيع تثير النقاش حول موضوع سبق ولا يزال يثير حفيظة العامة والخاصة ألا وهو موضوع القضاء ببلادنا…

    وشكرا

أرسل تعليق