Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

٪ تعليقات

أطفال الشوارع… طفولة تحتاج إلى عناية

إن قضية أطفال الشوارع هي من أكبر القضايا الاجتماعية في هذا العصر، وهي تهدد النظام الاجتماعي العام في الصميم، وتمس بالاستقرار مسا بينا، ما لم تكن هناك الإرادة والعزم لمعالجتها بشكل صحيح، وما دامت الجهود المبذولة تقصر في أغلب الأحيان، عن بلوغ المرمى المقصود تجاه الأطفال بصفة عامة.

إن ظاهرة الأطفال المتخلى عنهم أو الأطفال الذين يعيشون في الشوارع. وليس أطفال الشوارع، كما هو شائع، ـ فالشارع لا يلد أطفالا، كما أوضحت ذلك الأستاذة ثريا بوعبيد رئيسة”الجمعية المغربية لمساعدة الأطفال في وضعية صعبة”ـ هي جزء لا يتجزأ من قضايا المجتمع في أبعاده الشاملة؛ إذ لا يمكن عزلها عن مجمل النسيج الاجتماعي، الاقتصادي، التربوي، والثقافي، في عمقها وجوهرها، وفي آثارها وانعكاساتها على المجتمع.

فما هي أسباب هذه الظاهرة؟ وما هي الطرق الكفيلة باحتوائها؟ وما هي التدابير الواجب اتخاذها للحد من انتشارها أواستئصالها؟

أسباب الظاهرة ودواعيها

 إن المشكلات التي يعرفها عالم الأطفال الذين يعيشون في الشارع، ناتجة عن طبيعة هذه المرحلة من عمر الإنسان، ومتصلة بالجانب الاجتماعي والاقتصادي والنفسي السلوكي.

•    الأسباب الاجتماعية
تعتبر الأسرة الخلية الأولى لبناء المجتمع، وبالتالي فإن أي خلل يشوب كيانها يؤثر على أدائها لدورها على النحو الطبيعي في تربية الأطفال، وتنشئة الأجيال، وفي الوقاية من سلسلة الانهيارات التي سرعان ما تتوالى وتؤدي إلى نشوء الأزمة في المجتمع، وإلى بروز إحدى الظواهر المعوقة للنمو، ألا وهي ظاهرة أطفال المتخلى عنهم.

ويمكن اعتبار الطلاق من الأسباب الجوهرية لاستفحال هذه الظاهرة، ذلك أن انفصال الوالدين يعرض الأبناء للتشرد والضياع، ويكفي أن نعلم أن عددا كبيرا من أطفال المتخلى عنهم لديهم آباء وأمهات، هؤلاء الأطفال يمكن تقسيمهم إلى:

– أطفال يعيشون بين الشارع والبيت؛

– أطفال يشتغلون بالشوارع، وأغلبهم يحققون دخلا لا بأس به؛

– أطفال يتعرضون للاستغلال البشع من طرف الشارع، إما عن طريق تشغيلهم في ظروف صعبة أو عن طريق الاستغلال الجسدي.

تقول الطفلة (ن.ك) 10 سنوات: ” أفضل الشارع على البيت، فمنذ طلاق والداي أصبح هناك صراع في المنزل بين أمي وإخوتي، حيث أصبحت أمي عصبية المزاج بسبب الصراعات المتتالية والمشاكل المتراكمة…”

•    الأسباب الاقتصادية
وأبرزها مشكلة الفقر التي تعد أكثر عوصا، فالفقر هو عدم القدرة على بلوغ الحد الأدنى من الشروط الاقتصادية والاجتماعية التي تمكن الفرد من أن يحيا حياة كريمة، وله أبعاد وأشكال متعددة، فهناك بعد اقتصادي، إنساني، سياسي، سوسيو ثقافي، وقائي.

وفي هذا الصدد يقول الطفل (ع. م) 12 سنة: “…إذا لم أرجع للبيت في آخر اليوم ومعي مبلغ 20 درهم، فإن أبي سيبرحني ضربا، لذا لا أستطيع الرجوع إلا بعد الحصول على هذا المبلغ حيث أضطر للعمل في عدة مهن في اليوم الواحد…”.

•    الأسباب النفسية
إن الأطفال حساسون بطبعهم، لذلك نجد أن المشاكل الأسرية تعتبر أحد أسباب تفشي الظاهرة، فكل توتر يحدث داخل البيت يؤثر سلباً على نفسية الطفل الهشة فيرغمه على الهروب من بيته إلى الشارع توهما منه أن ذلك سبيل إلى التخفيف من معاناته.

النتائج

إن نتائج هذه الظاهرة خطيرة بالفعل، ولها تأثير كبير على المجتمع ككل وخصوصا هذه الشريحة التي تمثل جيل المستقبل.
ويمكن أن نلخص النتائج فيما يلي:

* الانحراف: إن خروج طفل في العاشرة من عمره مثلا إلى الشارع سيؤدي به حتما إلى الانحراف خصوصا أمام عدم وجود رادع، فهو لن ينجو بالتالي من إدمان السجائر والكحول والمخدرات وسائر أنواع السلوكيات الخطرة من مثل الاستغلال الجنسي.

يقول الطفل (م. د) 12 سنة: “أعطوني مأوى وطعام، وسأتوقف حالا عن شم هذا المخدر…”، وتكفي نظرة واحدة إلى ثيابه الرثة ووجهه المليء بالندوب لندرك حجم المعاناة التي يعيشها.

* الأمراض: يتعرض الأطفال الذين يبيتون في الشوارع، لأمراض كثيرة مثل السل والسرطان والأمراض المعدية والقاتلة على سبيل المثال لا الحصر.

* الإجرام: إن حرمان الطفل من التربية الضرورية، يؤدي به إلى تعاطي السرقة وقطع الطريق على المارة بوسائل مختلفة.

* التسول: وهو أيضا وسيلة أخرى من وسائل تحصيل الرزق بالنسبة لهم، فتجدهم في إشارات المرور ومواقف السيارات وقرب المطاعم، يستجدون المارة علهم يحظون بلقمة تسد رمقهم.

الحلول

رغم أن ظاهرة الأطفال المتخلى عنهم معقدة ومتشعبة، فإنها لا تستعصي على الحل، للخصائص التي أودعها الله في الطفل، والتي تجعل منه كائنا قابلا للتكيف وفق كل الظروف والمؤثرات.

وتقودنا هذه الحقيقة إلى تركيز الجهود من أجل إصلاح المجتمع، وأن ننصرف كلية إلى البحث عن الحلول لمشكلات الطفل المادية والمعنوية، في إطار رؤية شمولية ومتكاملة تستوعب مجمل عناصر هذه الظاهرة. كما ينبغي أن تكون هناك معالجة حاسمة، وفق سياسات تخطيطية محددة، ويمكن اعتبار الدور الذي تقوم به مؤسسة التعاون الوطني في هذا المجال رائدا، حيث أنها وضعت برنامج تجريبيا متكاملا مستفيدة من تجارب بعض الدول كفرنسا وبلجيكا واسبانيا وإيطاليا في التعامل مع ظاهرة أطفال المتخلى عنهم.

و يهدف هذا البرنامج إلى الحد من الأسباب التي ذكرناها سابقا، يقول الأستاذ عبد الجليل الشرقاوي نائب مدير التعاون الوطني المكلف بالعمل الاجتماعي في هذا الإطار:”… أصبحت هذه الظاهرة محور اهتمامات مؤسسة التعاون الوطني، حيث قامت بمجموعة من التدابير للحد منها عبر تنفيذ برامج وقائية وحمائية تتمثل أساسا في إنشاء مراكز اجتماعية لإيواء الأطفال في وضعية صعبة وإدماجهم، وكذلك دعم مجموعة من الجمعيات المشتغلة في هذا المجال…”

كما تجدر الإشارة إلى أن جمعيات رعاية الأطفال تلعب دور هاما وقيما في استئصال جذور هذه الظاهرة من المجتمع المغربي، ولعل “الجمعية المغربية لمساعدة الأطفال في وضعية صعبة” و “جمعية بيتي” يبقيان خير مثال، ذلك أنهما تضمان عددا من الفروع بالمدن المغربية وتعملان بصفة مستمرة على انتشال هؤلاء الأطفال من براثن الضياع.

من إنجاز: الأستاذة عزيزة بزامي
رئيسة تحرير جريدة ميثاق الرابطة

التعليقات

  1. نهى الدباغ

    أرجوا أن تقبلو مني هذا الكلام…….

    غذاؤهم المخلفات والمهملات…….
    الرصيف سريرهم والسماء غطاؤهم…….
    يتنفسون الهواء الفاسد والملوث بالغازات…….
    إنهم أطفال الشوارع……. هؤلاء القنابل الموقوتة هم ضحايا المجتمع…….
    أطفال بعمر الورد……. لا يعرفون حقوقهم وواجباتهم…….
    هم لا يدركون حقيقتهم وسبب وجودهم في الشوارع…….
    هل نعرف كيف يفكرون؟؟؟؟؟؟؟؟ ومما يعانون؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    استوقفتني فتاة ذات بشرة بيضاء وجهها جميل جداً، إلا أن بقع الوسخ واضحة، ولا أستطيع أن أتجاهلها وارحل ، توقفت وسألتها ما اسمك قالت: لميس. لماذا أنت هنا في الشارع قالت: أبي رجل مقعد وأمي تخدم في البيوت ولدي أربع أخوة. هل أنت سعيدة؟ لم تجب وحاولت أن تتهرب إلا أنها عادت وقالت لي: اعطني نقود… سأعطيك بعد أن تجب… قالت إنني أتمنى أن أذهب إلى المدرسة. فقد كنت الأولى على الصف ،ولكن أمي تريد ذلك وأنا أساعدها وستأتي بعد الظهر وتأخذنني من هذا المكان وهربت…تابعت طريقي… وأنا حزينة على تلك الطفلة….
    وصممت أن أتعرف على غيرها من الحالات التي تزداد بكثرة واستوقفني حالة الطفل رامي فهو أيضا بعمر الورد، وعند إشارة المرور يمد يده ليجمع بعض المال من أجل لقمة العيش، فهو لا أهل له وينام في الحديقة، وعندما سألته لماذا تتسول؟ أجابني لا أعرف إنني جائع! أين تنام في الشوارع والحدائق لماذا لا أهل لي لا أعرف أبي ولا أمي؟ كيف لا اذكر انني قلت كلمة بابا وماما، أين كنت قبل الشارع؟ ربما في الميتم؟ لا أعرف وحاول التهرب؟ سألته هل تعرف تقرأ أو تكتب؟ لا أعرف انه طفل بائس فقير جداً لا مأوى له غير الشارع، أيضاً حالة استوقفتني بل أبكتني طفلة عمرها لا تتجاوز السادسة على يديها حروق وعلى رقبتها شطب أو تشويع إنه منظر فظيع، وعندما شاهدتني جرت نحوي تريد نقود قائلة إنني جائعة جداً؟؟ قلت لها سأعطيك ما تريدين ولكن لماذا يديك محروقة وما هذا الشطب ؟أجابتني وهي تبكي أن زوج أمها يضربها هي وأخوتها ويأخذ منهم كل النقود، وقد يعاقبها بالسيخ بعد أن يحميه على النار، وقد حاول بوساطة السكين أن يذبحها لولا تدخل الجميع، ثم سألتها ماذا تحلمين؟ إنني أتمنى أن أنام وأتناول وجبة طعام كبيرة وفتحت يديها وكم شعرت بالحزن والدموع انهمرت بغزارة من عيني وتركتها ولم تغب عن بالي… وعندما اتذكر منظرها اشعر بالحزن على هذه الطفلة والحالات التي قدمتها وأنا اطرح سؤال ما ذنب هؤلاء؟ ولماذا أعين أصحاب الشأن تتجاهل الأطفال المتسولين ولا تساهم بمساعدتهم؟ لماذا لا ينقذون تلك البراءة النقية.‏

  2. عبد الغفور ديدي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    تحية طيبة وبعد
    نعم، موضوع الأطفال الذين يحتضنهم ويأويهم الشارع من المواضيع التي تستحق الاهتمام لأن تزايد الأطفال الملقون في الشارع يشكل قنبلة موقوتة للمجتمع لذا يجب على السلطات الرسمية والمدنية أن تأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار .

  3. بشرى

    بسم الله الرحمان الرحيم

    إن موضوع أطفال الشوارع أو بالأحرى الأطفال الذين يعيشون في الشوارع، كما تفضلت الأستاذة الفاضلة بالذكر موضوع يستحق الوقوف عنده ومناقشة قضاياه، لما تمثله هذه الفئة من أهمية في البنية الاجتماعية، فلا يمكننا أن نغض الطرف عن واقعهم وما يعانيه هؤلاء الأطفال من حرمان وبؤس وأمراض مادية ومعنوية، بل الواجب يفرض علينا أن نكثف جهودنا ونسخر طاقاتنا من أجل هؤلاء الأطفال.

  4. نوال الزاكي

    بسم الله الرحمان الرحيم

    أشكر كل من ساهم في إنجاز هذا الموضوع رغم أنه من المؤسف قراءة هّذه المواضيع، ولكنها وللأسف الحقيقة التي نعيشها في زمننا هذا.
    إن ظاهرة أطفال الشوارع أضحت شبه مألوفة، فلا تخلو مدينة مغربية من أطفال في حالة يرثى لها. تجدهم في مواقف السيارات.. قرب المطاعم .. على الأرصفة .. في الحدائق.. لا ملجأ لهم ولا مسكن، فهم يتخذون بعض الأماكن والحدائق المهجورة مكانا للمبيت، مفترشين الأرض وملتحفين السماء.

    للأسف معظمهم ينحرفون، فيتعاطون التدخين والمخدرات بل الكحول أيضا، و قد تطور الأمر ليصل إلى حد الإجرام في عدد من الحالات.

    ولا أحد يستطيع أن يلومهم لوما مباشرا، فهم ضحايا قبل أن يكونوا أي شيء آخر، ضحايا عوامل مجتمعية واقتصادية لم ترحمهم ولم تترك لهم فرصة للخيار أمام صعوبة الظروف التي يعيشونها.

  5. أحمد علي

    "أطفال الشوارع" من الظواهر الأكثر خطورة على المجتمعات خاصة اذا علمنا أن أعداد هؤلاء الأطفال في تزايد مستمر يوما بعد يوم
    أطفال منتشرون في كل المدن صغيرة كانت أم كبيرة، تجدهم أمام المطاعم، في الحدائق وفي مواقف الحافلات والسيارات..، الأسباب تتعدد (الطلاق، الفقر، الانقطاع عن الدراسة، انعدام دور الشباب والأندية …)
    المهم، أتمنى من مؤسستكم الموقرة المساهمة في انتشال هاؤلاء الأطفال من الشارع واستئصال هذه الظاهرة من مجتمعنا المغربي بتنظيم ورشات ومحاضرات وطنية ودولية تحسيسا بخطورة هذه الظاهرة، ولما لا التفكير -مثلا- في انتاج أو على الأقل المساهمة في انتاج أفلام وثائقية أو سينمائية حول هذه القضية (فيلم علي زاوا كمثال).
    حفضكم الله

أرسل تعليق