Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

٪ تعليقات

الدكتور عبد الهادي التازي… واقع القرويين وتحديات المستقبل

يؤكد المؤرخ والدبلوماسي الدكتور عبد الهادي التازي في حواره مع جريدة “ميثاق الرابطة” بأن الاسم الذي تحمله القرويين له جذور عميقة في التاريخ وبأن القرويين تراث ضمن للمغرب طيلة أربعة عشر قرنا أن يبقى مسلما، محافظا على هويته وأصالته، مشيرا إلى أنه  ينبغي علينا العناية بهذه المنارة التاريخية حتى لا يخبو إشعاعها الديني والثقافي والعلمي والتراثي.

•    ألا ترون أنه قد آن الأوان للبحث عن طرق لاستعادة أمجاد جامعة القرويين وتحريك سبل النهوض الحضاري الكفيلة باسترداد الريادة الحضارية التي بوأت للجامعة مكانة مرموقة وسامية بين كبريات الجامعات الشرقية والغربية على السواء؟

سأقول لك منذ البداية، إن المملكة المغربية لا تُعرف إطلاقا إلا بذكر جامعة القرويين، وأعتقد أن الوقت قد حان لترديد اسم جامعة القرويين، ولبعث جامعة القرويين من جديد، وبعث اسم السيدة الفاضلة التي تحمل اسم “فاطمة الفهرية” إلى جانب أختها “مريم” اللتان كانتا السبب في تأسيس هاتين المعلمتين اللتين نسمي أولاهما: جامعة القرويين، وثانيتهما: جامع الأندلس، كل معالم فاس اختفت أو صارت إلى زوال وكل المباني التاريخية ذهبت مع الزمان إلا مؤسسة جامعة القرويين التي تعتبر في نظر المحققين والباحثين بمثابة الهُوية الصادقة والحقيقية لكل مغربي يعيش على هذه الديار؛ لأنها كانت عبر التاريخ تمثل المرجع الأساس لكل الذين كانوا يعملون على إحياء القيم الإنسانية لهذا الوطن العزيز، سائر القيم الإنسانية التي كانت تبثها جامعة القرويين، وشقيقتها جامع الأندلس عبر العشرات من الكراسي العلمية التي كانت تزدان بها الجامعة هنا وهناك.

كما تزدان بها فروع القرويين في مختلف أنحاء المدينة عبر المدارس التي بنيت للطلبة، وعبر المساجد الصغيرة التي كانت منبتة في سائر منعرجات المدينة، أقول هذه الهوية التي عبرت عنها القرويين جدير بنا اليوم أن نعود إلى إحيائها وإلى استحضارها وأن نعمل كل مجهودنا من أجل أن ننقش في أذهان  المواطنين كلمة جامعة القرويين وكلمة جامع الأندلس.

حقيقة اليوم نحن مستهدفون من غيرنا، من الذين يحاولون أن يشوهوا مظاهر حضارتنا ولا أقصد بالغير فقط الأجانب الذين يجهلون مركز وحضارة المغرب، ولكني أقصد أيضا –ويؤسفني أن أقول ذلك- بعض الكتاب المغاربة الذين يحاولون أن يشككوا أبناءنا ويشككوا حفدتنا في ماضيهم، هذا شيء أؤكد عليه، لماذا؟ لأنه إذا فقدنا هذه الأمجاد التي تتحدثين عنها اليوم، فعلى أي شيء نعتمد إذن في حياتنا الحاضرة والقادمة.

•    لقد أصبح ضروريا اليوم، ونحن نلج قرنا جديداً سبق أن أعلنت منظمة الأمم المتحدة أول أعوامه عاما لثقافة الحوار بين الحضارات القيام بمبادرات حقيقية لتفعيل دور جامعة القرويين في مجال الحوار الديني والحضاري؟

موضوع السؤال الثاني الذي تطرب له المثالث والمثاني موضوع جيد يتعلق بقضية الحوار وأعتقد أن الحوار من وجهة النظر الإسلامية يعتبر الركن الأساس لمبدأ الإسلام كمبدأ.

أنا أتصور الحوار منذ اليوم الأول الذي سمعنا فيه الرسول الأكرم يبعث برسله وسفرائه إلى خارج الجزيرة العربية، وجود ذلك الحشد من الرجال الذين راحوا يخبرون بالإسلام وعلى رأسهم معاذ بن جبل ودحيه ـ رضي الله عنهماـ، كل تلك المبادرات كانت تصب في موضوع الحوار.

وعندما أتمسك بمبدأ الحوار كمبدأ أساسي للإسلام أرجع للآيات القرآنية نفسها، التي تنص على ضرورة احترام المواثيق التي نعقدها مع الغير، مع الآخر، نحن في مسألة المواثيق يجب أن نعتز بمواقف الإسلام حولها، وإذا سمحت، سأضرب لك المثل بجزئية في منتهى البساطة ولكنها في قمة القيم، أنتم تعلمون أنه في آخر سورة الأنفال آية عظيمة يقول عنها وزير العدل الفرنسي أنها لو كانت في الإنجيل عندنا لجعلناها شعارا لكل كليات الحقوق في أوربا، الآية تقول إذا استنجد المسلمون بنا بمسألة تتعلق بالدين فيجب علينا أن نلبي طلباتهم باستثناء جزئية واحدة وهي أن تكون لنا اتفاقية أو ميثاق مع آخرين- نصارى أو يهود أو مجوس- يجب أن نعطي الأولوية المطلقة للذين تربطنا معهم اتفاقيات قبل أن نلبي الطلبات اللاحقة، لماذا؟ لأن الإسلام كدين يحترم المواثيق طلب منا أن نعطي الأسبقية للميثاق.

معنى كل هذا أن الحوار لا يقف في طريقه أي واقف، سأضرب لك مثلا بآية دائما تقف أمامي منتصبة بشموخها وعظمتها وهي الآية التي تحض على معاملة الجيران معاملة حسنة، هذه الآية تنص على معاملة الجار ذي القربى الذي يشاركك دينك ومعتقدك والجار الجنب الذي ينص سائر المفسرين على أن القصد به النصارى واليهود على حد سواء، بمعنى أنه كان لك جار يهودي أو نصراني يسكن إلى جانبك ويشاطرك في حيك ومدينتك، فيجب عليك أن تعامله معاملتك للجار المسلم الذي يشاركك دينك وعقيدتك، ومعنى هذا أن باب الحوار مفتوح على الإطلاق بينك وبين غيرك، ويعجبني هنا أن أستحضر كلمة في غاية الجمال والرقة وهي كلمة “القُتار” ومعناه رائحة أي طعام قد يتسرب إلى أنوفنا، فالإسلام حريص على أن لا يتجاوز هذا القُتار عتبة البيت وإن كان فيجب عليك أن تشرك فيه جارك حتى تشعره أنك تتوفر على نصيب من الرحمة والقلب المفتوح وسواء كان هذا الجار مسلما أو يهوديا أو نصرانيا.

•    في رأيكم أستاذ ما ينتظر من جامعة القرويين الاعتناء به في سياق موجة التيارات الفكرية والثقافية التي باتت تطفح على الساحة الدولية المساهمة في التصدي للتحديات الفكرية التي تمس المنظومة الإسلامية في حضارتها وثقافتها وقيمها؟

فيما يتعلق بجامعة القرويين، أنا كمنتسب سابق لها وكمعتز لاحقا بآثارها علي، أرجو لها أن تتطور ليس أن تمسخ وتمحى وتطمس معالمها، ولكن أن تتطور بمعنى أن تنضاف لها مواد أخرى تساير بالذات الركب الحضاري الذي نعيشه، أذكر وأنا أدرس ع الشيخ خليل أنه كان يعالج قضايا دولية في منتهى الأهمية فيما يتصل بالمعاهدات والمعاملات بين الناس بعضهم بعضا.

هذا المختصر الذي ترجم للغات أخرى ينبغي أن ينضاف إلى جانبه ما يتعلق بالديانات الأخرى، وبالقيم الأخرى عند الآخرين، يجب أن نعمل على مقارنة ومفارقة هذه القيم بما لدينا، فلابد لنا في القرويين الجديدة أن نتوفر على لغات جديدة تعرفنا على الغير وتعرف الغير بنا، بحيث لم يعد مستساغا الاقتصار على لغة واحدة في التعليم.

•    وأخيرا، هل لديك أستاذ مشروع قيد الإعداد؟

شكرا لطرح هذا السؤال، فعلا أنا الآن بصدد تحضير كتاب حول “رندة معالم تاريخ ورجالات ” المدينة الإسلامية بالأندلس…

    حاورته الأستاذة عزيزة بزامي
رئيسة تحرير جريدة ميثاق الرابطة

التعليقات

  1. الأستاذ هشام

    بسم الله الرحمان الرحيم
    أتقدم بأحر التبريكات للرابطة بهذا المنتج العلمي الفريد، فريد في معلوماته وفريد في شكله.
    كل التشجيعات للموقع وللعاملين فيه، أما ما يخص الموضوع نتمنى من الرابطة أن تعيد طبع كتاب الدكتور عبد الهادي التازي عن "جامعة القرويين"، هذه الموسوعة الفريدة من نوعها قرأت منها الشيء الكثير، كما أتمنى من وزارة الأوقاف أن تعيد طبع كتب العلامة المؤرخ الدكتور عبد الهادي التازي الذي أسأل الله له بطول العمر، والصحة والعافية. ومزيدا من الاهتمام بالعلماء المغاربة الذين حباهم الله بالفهم الصحيح للدين والمعرفة الجيدة له، يوم كان القرويين لم نسمع عن تكفير ولا تطرف بل كان هذا البلد الأمين محضن التسامح.
    ففي القرويين تعلم الأوربيون الرياضيات ومختلف العلوم العقلية والنقلية حيث بلغت عدد الحلقات العلمية في اليوم الواحد 140 حلقة في مختلف المعارف والعلوم.
    تحية للأستاذة عزيزة بزامي ونتمنى لها التوفيق.

  2. عبد المجيد

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
    إن أهمية جامعة القرويين كبيرة ونفيسة بالنسبة لكل مسلم ولكل باحث داخل البلد وخارجه، لما لها من صدى عبر الزمن وما أنتجته من علماء في جميع الميادين المتاحة فيها، لذلك يجب على المكلفيين بالاهتمام بها وبجميع المآثر وركائز وهوية هذا البلد العزيز .
    والسلام

أرسل تعليق