Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

برهان خيرية الأمة الإسلامية

      القرآن الكريم ينبوع كل خير، ومصدر كل علم، وعين كل رحمة، وشاهد اصطفاء خاتم الأنبياء والرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبداية أمة هي خير أمة أخرجت للناس أنار الله به للذين التزموه الطريق، وتداركهم بلطفه من فناء كاد يأخذهم من شتى نواحيهم، ومنحهم به أينما اتجهوا كل صواب وتوفيق فلا تكاد كل قضية من قضايا الحياة، إلا وضح القرآن غياهبها وكشف أسرارها، وأبرز غامضها وأجلى جوانبها وبيَّن أهدافها، وهو صالح لكل زمان ومكان بقدر ما يعطيه المسلمون من عناية واعتبار، بعد أن أسعد الذين ناجوا ربهم بكلامه، وجعلوا قلوبهم أوعية له ورطبوا ألسنتهم ما استطاعوا بتلاوته، وأرهفوا أسماعهم لهدايته، فلا ينصرفون عنه لسواه ولا يرتضون به بديلاً، ولا يبغون عن أوامره ونواهيه حولا، فكانوا بحق بشهادة رب العزة جل وعلا خير أمة أخرجت للناس لقوله تعالى: “كنتم خير أمة أخرجت للناس” [سورة اَل عمران، جزء من الآية: 110]. هذه شهادة ربنا جلت قدرته فينا إلى يوم القيامة، وبمثل ذلك شهد نبينا صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: “إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله”. ما أسعدها من شهادة، وما أعلاها وأغلاها من تزكية، وما أجله من وسام يمنحه لنا رب العزة جل وعلا.

      نعم نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة التوحيد الخالص: “ألاَ لله الدين الخالص” [سورة الزمر، جزء من الآية: 3]. أمة لا إله إلا الله، أمة الكلمة الطيبة التي من أجلها قامت السماوات والأرض، فعن شداد بن أوس قال: “كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “هل فيكم غريب يعني أهل الكتاب قلنا: لا فأمر بغلق الباب وقال: “ارفعوا أيديكم وقولوا لا إله إلا الله، فرفعنا أيدينا ساعة ثم قال: “الحمد لله، اللهم إنك بعثتني بهذه الكلمة الطيبة ووعدتني عليها الجنة، وإنك لا تخلف الميعاد ثم قال: “ألا أبشروا فإن الله قد غفر لكم”، وقال صلى الله عليه وسلم: “من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة الجواز يوم القيامة ففي الحديث أن جبريل عليه السلام قـال: “يا محمد إنه ليجاء بجهنم يوم القيامة تزف زفا عليها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك حتى تقف بين يدي الله فيقول لها: يا جهنم تكلمي فتقول لا إله إلا الله وعزتك وعظمتك لأنتقمن ممن أكل رزقك وعبد غيرك لا يجوزني إلا من عنده جواز، فقال النبي  صلى الله عليه وسلم: يا جبريل ما الجواز يوم القيامة؟ قال: ابشر وبشر ألا من شهد أن لا إله إلا الله جاز جسر جهنم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم، الحمد لله الذي جعل أمتي أهل لا إله إلا الله”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة الإخلاص لله في العبادة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “حق الله على العباد أن يعبدوه لا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً”، فصلاتنا لله وصومنا لله وحجنا لله وزكاتنا لله وحياتنا لله ومماتنا لله: “قل اِن صلاَتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين” [سورة الاَنعام، الآية: 162].

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة الطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بامتثال أمره واجتناب نهيه وتصديق أخباره وعبادة الله بما شرع مع محبته صلى الله عليه وسلم، وتوقيره ومحبة آل بيته الأطهار وذريته الأخيار ومحبة صحابته أهل التقى والصلاح، قال الله تعالى: “قُلْ اَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ” [سورة النور، الآية: 54].

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة الوفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، آمنا به ولم نره وصدقناه واتبعناه: “يا أيها اَلذين ءامنوا لاَ تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون” [سورة الاَنفال، الآية: 27]. وعن أَبِي أُمَامَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: “طُوبَى لِمَنْ رَآنِي، وَآمَنَ بِي، وَطُوبَى سَبْعَ مَرَّاتٍ لِمَنْ آمَنَ بِي، وَلَمْ يَرَنِي”، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن رجلا قال: يا رسول الله، طوبى لمن رآك وآمن بك؟ قال: “طوبى لمن رآني وآمن بي، ثم طوبى، ثم طوبى، ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة الوفاء والمحبة لبيت رسول الله وذريته فقد أخرج الحاكم بسند صحيح عن حنش الكناني، قال: سمعت أبا ذر، يقول: وهو آخذ بباب الكعبة: أيها الناس، من عرفني فأنا من عرفتم، ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق”. وعن سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “النجوم جعلت أماناً لأهل السماء وإن أهل بيتي أمان لأمتي”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة القرآن فنحن أهل الله وخاصته، قال صلى الله عليه وسلم: “إن لله أهلين من الناس قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن فهم أهل الله وخاصته”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة التصديق برسل الله وكتبهم فقد بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة، ونصحوا ودعوا أممهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فليس منا من يؤذي نبيا أو يعبث بكتاب من كتب ربنا فالأنبياء كلهم رسل الله ونحن على ذلك من الشاهدين.

      قال سبحانه: “وكذالك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على اَلناس ويكون اَلرسول عليكم شهيدا” [سورة البقرة، جزء من الآية: 143].

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة الصدق في القول، أمة الصدق في العمل عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما عمل الجنة قال: “الصدق إذا صدق العبد بر وإذا بر أمن وإذا أمن دخل الجنة”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة ترعى لولاة الأمور حقهم في البيعة والإخلاص والدعاء الصالح لهم، قال الفضيل بن عياض: “لو كانت لي دعوة مستجابة لجعلتها لولي الأمر لأنه إذا صلح الإمام أمن البلاد والعباد”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة التراحم والتعاون والتعاطف فيما بيننا، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمىّ”، وقال صلى الله عليه وسلم: “المسلمون بعضهم على بعض يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم”، وقال صلى الله عليه وسلم: “من نفس عن مومن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة المحبة والسلام فربنا السلام وديننا السلام ودعوتنا السلام وشعارنا السلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: “لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟! أفشوا السلام بينكم”. وقال صلى الله عليه وسلم: “لا يحل لمسلم أن يروع مسلما”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة السلم في وقت الحرب، وأمة الأمن في وقت السلم. قال سبحانه: “وإن جنحوا لِلسلم فاجنح لها” [سورة الاَنفال، جزء من الآية: 61]. عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ لأصحابه: “انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ لاَ تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلاَ طِفْلاً وَلاَ صَغِيرًا وَلاَ امْرَأَةً وَلاَ تَغُلُّوا، وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: “الإسلام ثمانية أسهم، الصلاة سهم والزكاة سهم والجهاد سهم والحج سهم وصوم رمضان سهم والأمر بالمعروف سهم والنهي عن المنكر سهم، وقد خاب من لا سهم له”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا خير خلف لخير سلف فلا يسُب بعضنا بعضا، ولا يلعن بعضنا بعضا ندعو بالرحمة لأمواتنا، والخير والصلاح لأحيائنا، والسداد والتوفيق لمن يأتي بعدنا، قال سبحانه: “والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اَغفر لَنا ولِإخواننا الذين سبقونا بالاِيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً لِلذين ءامنوا” [سورة الحشر، الآية: 10]. وقال صلى الله عليه وسلم: “من استغفر للمومنين والمومنات كتب الله له بكل مومن ومومنة حسنة”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة حفظ كرامة الإنسان وحماية حياته وعرضه ودينه وعقله، قال صلى الله عليه وسلم: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمومن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة الوسطية والاعتدال فلا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا تشديد، بل يسر ولين وعن عروة الفقيمي رضي الله عنه قال: “كنَّا ننتظر النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج يقطر رأسه من وضوء أو غسل فصلّى، فلمّا قضى الصّلاة جعل النَّاس يسألونه: يا رسول الله أعلينا من حرج في كذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا أيّها النّاس إنَّ دين الله عزّ وجلّ في يسر، إنَّ دين الله عزّ وجلّ في يسر، إنَّ دين الله عزّ وجلّ في يسر”. وما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم، بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة الاعتدال في كل شيء حتى في النفقة، قال تعالى: “والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما” [سورة الفرقان، الآية: 67].

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأن ديننا دين الرحمة، ونبينا نبي الرحمة، وربنا الرحمان الرحيم: “ومآ أرسلناك إلا رحمة لِلعالمين” [سورة الانبياء، الاية: 107]. إنها الرحمة الشاملة للإنسان فلا بغي ولا عدوان: “قل اِنما حرم ربي اَلفواحش ما ظهر منها وما بطن والاِثم والبغي بغير الحق” [سورة الاَعراف، جزء من الآية: 33]. إنها الرحمة الشاملة بالحيوان عن ابن عمر مرفوعا: “من مثل بذي روح ثم لم يتب مثل الله به يوم القيامة”، ورأى عبد الله بن عمر صبية يترامون دجاجة فقال: “لعن رسول الله من فعل هذا”، إنها الرحمة الشاملة بالنبات فعن عبد الله بن حُبشي رضي الله عنه، أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ قَطَعَ سِدْرة في فلاة يَسْتَظِلُّ بها ابنُ السبيل، والبهائم عَبَثا وظُلْما بغير حق يكون له فيها صوّب الله رأسه في النار”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأن كبيرنا يرحم صغيرنا، وصغيرنا يوقر كبيرنا، قال صلى الله عليه وسلم: “ليس منا، من لم يرحم الصغير، ويوقر الكبير”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا نؤدي حقوق آبائنا قال سبحانه: “وقضى ربك ألا تعبدوا إلَا إِياه وبالوالدين إحسانا” [سورة الاِسراء، جزء من الآية: 23]. ونرعى حقوق أبنائنا قال صلى الله عليه وسلم: “ما نحل والد ولدا خيرا من أدب حسن” ونؤدي حقوق نسائنا قال صلى الله عليه وسلم: “أكمل المومنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائه”، ونرعى حقوق أزواجنا قال صلى الله عليه وسلم: “لا ينظر الله تبارك وتعالى إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا نعطف على ضعفائنا ونواسي فقراءنا عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ابغوني في الضعفاء؛ فإنما تُنصرون وتُرزقون بضعفائكم”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة ترعى للجيران حقوقهم وتعرف لهم قدرهم قال صلى الله عليه وسلم: “والله لا يومن والله لا يومن والله لا يومن، قالوا: من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا لا نتباغض ولا نتحاسد فعن عبد الله بن عمرو قال: قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَىُّ النَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ: “كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ”، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ قَالَ: “هُوَ التَّقِىُّ النَّقِىُّ لاَ إِثْمَ فِيهِ وَلاَ بَغْىَ وَلاَ غِلَّ وَلاَ حَسَدَ”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة مكارم الأخلاق وفضائل القيم يقول عكرمة مولى عبد الله ابن عباس: “لكل شيء أساس، وأساس الإسلام الخلق الحسن”، فالحياء في القول والفعل لباسنا، والحلم شعارنا، والصبر طريقنا، واللين مبدؤنا، والتواضع سمتنا، وطلاقة الوجه عادتنا، وسلامة الطوية نيتنا، والصراط المستقيم سبيلنا، ومرضاة الله غايتنا، والحوض مشربنا والجنة بإذن الله دارنا ومقامنا، ورؤية ربنا غايتنا، وكمال سعادتنا.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أمة تحسن الظن بربها جل وعلا فعن ابن الديلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أفضل العبادة حسن الظن بالله يقول الله عز وجل: “أنا عند حسن ظن عبدي بي…”.

      نحن خير أمة أخرجت للناس؛ لأننا أكثر أهل الجنة يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: “أهل الجنة عشرون ومائة صف ثمانون منها من هذه الأمة وأربعون من سائر الأمم”.

د. أحمد أمحرزي علوي

باحث في الفقه الإسلامي

أرسل تعليق