Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

٪ تعليقات

هل يمكن للفرد الواحد أن يكون له قلبان؟

يقول الحق تبارك وتعالى في الآية الرابعة من سورة الأحزاب: “مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللآئِى تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِى السَّبِيل”[سورة الاَحزاب، الآية: 4].

جاء في بعض كتب التفسير أن النص الكريم الذي نحن بصدده نزل في رجل من قريش يدعى (جميل بن معمر الفهري‏)‏ كان يدعى أن له قلبين في جوفه، وكان من شدة دهائه يدعى ذا القلبين،‏ ‏وقيل أنها نزلت للرد على بعض المنافقين الذين ادعوا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالباطل أن له قلبين‏ .‏

والعلوم الطبية تثبت أن مع المركزية العظمى للقلب في جسم الإنسان، يستحيل أن يوجد لفرد واحد قلبان في جوفه،‏ وهذا السبق القرآني بتأكيد هذه الحقيقة العلمية يعتبر ومضة من ومضات الإعجاز العلمي في كتاب الله، وتزداد هذه الومضة القرآنية المعجزة وضاءةً باستخدام هذا النص الكريم للفظة‏ (‏رجل‏)‏ دون سواها للإشارة إلى الإنسان،‏ ‏وذلك تحاشيا لإشراك المرأة في هذا المثل، والتي قد تكون حاملا وتحمل في جوفها بالإضافة إلى قلبها قلب جنين أو قلوب أكثر من جنين واحد‏.

والنص الكريم الذي نحن بصدده جاء في مقام التشبيه وضرب المثل،‏ ‏ولكن كعادة القرآن الكريم التزام الحق في كل شيء‏، ‏تأتي الأمثال كما تأتي آيات القرآن كلها دقيقة دقة علمية فائقة حتى يبقي هذا الكتاب الخالد،‏ مهيمنا على المعرفة الإنسانية مهما اتسعت دوائرها‏، وتبقى هذه الحقائق العلمية التي أنزلت من قبل أربعة عشر قرناً شاهدة لكل ذي بصيرة على أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله،‏ ‏وحفظه بعهده الذي قطعه على ذاته العلية فمن المعروف والثابت علميٌّا، أن القلب يبدأ تكوينه في جوف الجنين مع بداية الأسبوع الثالث من تكون الحمل، حيث ينمو الأنبوب القلبي الأيمن ونظيره الأيسر، ليلتقيا في منتصف القطب العلوي (وهو ما سيكون تجويفًا صدريٌّا فيما بعد) من جسم الجنين، ويتلاشى الأنبوب القلبي جهة اليسار بعد أن يزداد سمك جداره السفلي، ويظهر من منتصفه بروز يزداد نموٌّا داخل الأنبوب القلبي ليكوِّن البُطينين الأيمن والأيسر، ويتكوَّن الأذينان القلبيان بطريقة مشابهة من الجزء العلوي من الأنبوب القلبي، ويتخلل هذه المراحل الدقيقة ـ وفي نفس الوقت ـ تكوين الشرايين والأوردة القلبية الرئيسية الكبرى. وتتم كل هذه المراحل حول نقطة لتجمع دموي في النصف العلوي من الأنسجة الجنينية في مراحلها المبكرة من التكوين، ويبدأ القلب ـ بمشيئة الله وقدرته ـ في الانقباض والانبساط تلقائيٌّا قبل نهاية الأسبوع السادس من الحمل، وقبل نمو النهايات العصبية ووصولها إليه!

وبعد هذا الإيجاز في شرح مراحل تكوين القلب في الجنين، فقد يتساءل البعض: أليست هناك بعض التشوهات المرضية والاختلافات الخِلقية في قلوب بعض المواليد؟ فنجيب بنعم، ولكن لم ولن نجد من له قلبين في صدره، وذلك لاستحالة تكوينهما في جنين واحد ـ كما أسلفناـ وإذا توقفت أي من المراحل السابق ذكرها أثناء تكوين القلب الجنيني؛ فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى موت الجنين إذا كان ذلك التشوه أو الاختلاف لا يتماشى أو يتعارض مع الحياة، فيتم إجهاضه أو وفاته داخل الرحم قبل ولادته، وهو كما ذكرنا ليس ازدواجيٌّا في تخليق القلب، ولكنه توقف عند إحدى مراحل تكوينه الجنيني، وقد يكون اختلافًا خلقيٌّا بسيطًا ويولد الطفل بتشوه في قلبه. والأمثلة كثيرة منها وجود ثقب بين الأذينين أو بين البطينين أو كلاهما معًا أو وجود بطين واحد كقلب الطيور أو انحناء القلب جهة اليمين، وقد يكون القلب معيبًا في مجموعة من مواضع اتصال الشرايين أو الأوردة الكبرى بالقلب أو صماماته مثل مرض ثلاثي أو رباعي فَالوب (نسبة لمكتشفه) وغيرها من الاختلافات الخلقية البسيطة أو المركبة والمعقدة، ومنها ما قد تصاحبه زرقة أو لا تصاحبه زرقة، ونعود فنقول إنه يستحيل أن يولد رجل بقلبين في جوفه إلى يوم القيامة، حتى في حالات التوائم (السيامية) الملتحمة أو الملتصقة، فقد يكون لكل توأم منهما قلب منفصل، وقد يكون لهما قلب واحد، ولكن يستحيل أن تكون لهما ثلاثة قلوب.

التعليقات

  1. محمد لحمادي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    تحية طيبة
    وبعد:
    فالموضوع الذي تطرقتم إليه، ينم عن اختياركم الدقيق، فقد روي في سبب نزول قوله تعالى: "ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه" [سورة الأحزاب، الآية: 4] أنه كان في بني فهر رجل منهم يقال له جميل بن معمر الفهري يدعي أن له قلبين ويقال له ذو القلبين وكان يقول: (أنا أذكى من محمد وأفهم)، فلما بلغته هزيمة بدر ذهب عقله وحدث أبا سفيان بحديث كالمختل فنزلت الآية. انظر أسباب النزول للواحدي، ص 265، وسمي بذي القلبين أيضا عبد الله بن خطل التيمي، وكان يسمى في الجاهلية عبد العزى وأسلم فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله ثم كفر وقتل صبرا يوم فتح مكة. انظر التحرير والتنوير لابن عاشور (م8ج21ص254-255) وزاد في البيان أكثر بأن قال: (..فوقوع "رجل" وهو نكرة في سياق النفي يقتضي العموم، ووقوع فعل "جعل" في سياق النفي يقتضي العموم لأن الفعل في سياق النفي مثل النكرة في سياق النفي، ودخول"من" على " قلبين" للتنصيص على عموم قلبين في جوف رجل(..) فدخل في العموم جميل بن معمر وغيره …) نفس المصدر السابق، ونفس المكان.
    فكانت اللطمة اللائقة به بأن نزل قوله تعالى تكذيبا لزعمه ((ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه)الآية4 من سورة الأحزاب، فذكر الحق سبحانه وتعالى أنه لا يجتمع في كيان إنسان قلبان كما لا يجتمع الإيمان والكفر والهدى والضلال والإنابة والإصرار في قلب واحد، ولذا قال السيد قطب في الظلال ما ملخصه: (…أن الإنسان لا يملك أن يتجه إلى أكثر من أفق واحد، ولا أن يتبع أكثر من منهج واحد، وإلا نافق، واضطربت خطاه، وما دام لا يملك إلا قلبا واحدا، فلا بد أن يتجه إلى إله واحد وأن يتبع نهجا واحدا…) في ظلال القرآن، للسيد قطب (م5-ج21 ص2819).
    )

  2. حسن أحماد

    من الملاحظ أن ما أوردته الدكتورة حول القلب ينطبق على كثير من الأعضاء الأخرى، مثل المعدة والبنكرياس والرئة وغيرها من الأعضاء.
    من جهة أخرى يستحيل أيضا أن نجد لدى غير الإنسان قلبين في جوفه، ويصعب الحديث عن إعجاز علمي في هذه الآية بالشكل الذي تحدثت به كاتبة المقال، فالإعجاز بالإخبار يقتضي مناقشة الآية الكريمة في سياق تاريخي يستحضر المعرفة الانسانية في الموضوع حتى يمكن الحديث عن السبق القرآني.

أرسل تعليق