Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مدخل لدراسة المذهب المالكي.. (43)

المسألة الثالثة: أقل الصداق

يعتبر الصداق عند المالكية من أركان عقد النكاح، لا يتم العقد بدونه[1].

واتفق الفقهاء على أنه لا حد لأكثره، لقوله تعالى: “وءَاتيتم إحداهن قنطارا فلا تاخذوا منه شيئا” [النساء، 20]، لكنهم اختلفوا في أقله، فذهب المالكية إلى أن أقل الصداق ربع دينار شرعي من الذهب، أو ثلاثة دراهم من الفضة، فإن كان المهر أقل من هذه القيمة فسد النكاح[2].

واستدل المالكية بمجموعة من الأدلة منها:

قوله تعالى: “ومن لم يستطع منكم طولا اَن ينكح المحصنات المومنات فمن ما ملكت اَيمانكم من فتياتكم المومنات” [النساء، 25] فالله تعالى لما اشترط الطول في نكاح الإماء وأباحه لمن لم يجد طولا دل على أن الطول لا يجده كل الناس، ولو كان الفلس والدانق والقبضة من الشعير ونحو ذلك طولا لما عدمه أحد، ومعلوم أن الطول في الآية هو المال ولا يقع اسم مال عندهم على أقل من ثلاثة دراهم فوجب أن يمنع من استباحة الفروج باليسير الذي لا يكون طولا[3].

كما استدل المالكية بالقياس، حيث قاسوا البضع في النكاح على اليد في القطع في حد السرقة، ذلك أن البضع عضو مستباح ببدل من المال فلا بد أن يكون مقدرا قياسا على قطع اليد[4].

أما الشافعية والحنابلة فقالوا لا حد لأقل المهر، فكل ما كان له قيمة يصح أن يعتمد كصداق[5].

مدخل لدراسة المذهب المالكي.. (43)

واستدلوا بقوله تعالى: “وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم” [النساء، 24] فلم يحدد الشرع مقدار الصداق.

كما استدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أراد أن يتزوج المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم: “إلتمس ولو خاتما من حديد”[6]، ومعناه أن الصداق يجوز أو يصح بأي شيء له قيمة مالية.

واستدلوا بما أخرجه الترمذي في سننه أن امرأة تزوجت على نعلين، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رضيت من مالك ونفسك بنعلين؟ قالت: نعم، فأجازه”[7]، ويستشف من هذا الحديث أن الصداق يكون بالتراضي بين الطرفين، على شرط أن لا يسقطاه.

مراعاة الخلاف في هذه المسألة:

سبق وأن قلنا أن المالكية لا يجيزون الصداق بأقل من ربع دينار أو ثلاثة دراهم فإن انعقد العقد، يُفسخ قبل الدخول، لكن إذا وقع الدخول، لا يتم فسخه مراعاة لمن أجازه بأقل من ربع دينار، لذلك قال مالك لما سأله ابن القاسم عن رجل تزوج بأقل الصداق المعتبر، لم أجزته؟ فأجابه: “لاختلاف الناس في هذا الصداق؛ لأن منهم من قال: ذلك الصداق جائز ومنهم من قال: لا يجوز[8].

يتبع في العدد المقبل..

———————————————

1. ينظر المدونة، 2/170.

2. ينظر الاستذكار، 12/72، المنتقى، 3/276، مواهب الجليل، 3/508.

3. الاستذكار، 16/72.

4. الاستذكار، 16/72.

5. ينظر المهذب، 2/55، مغني المحتاج، 3/220.

6. موطأ مالك، كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الصداق والحباء، وأخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: النكاح، باب: تزويج المعسر، ومسلم في صحيحه، كتاب: النكاح، باب: الصداق وجواز كونه تعليم القرآن.

7. سنن الترمذي، كتاب النكاح، باب: ما جاء في مهور النساء، رقم 1114.

8. المدونة، 1/152.

أرسل تعليق