Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مبدأ اللزوم ومراتب الدلالة.. (11)

أ. الأصل اللغوي لمفهوم المخالفة

لقد أدرك أغلب الأصوليين أن مفهوم المخالفة أصل من أصول اللغة وأسلوب من أساليب التبليغ والتبيين العربي الذي جاء الخطاب الشرعي على وفقها، ومن جملة القواعد اللغوية التي ينضبط بها مفهوم المخالفة ما يلي:

إعمال الكلام أولى من إهماله، إذ الأصل في الكلام أن يدل على معنى معين، فإذا دار الكلام بين إفادة معنى وعدم إفادته كان الوجه الأول أولى من الوجه الثاني. “ومن هنا لزم إعمال القيد الوارد في الكلام وحمله على الإفادة، وفائدته أن انتفاءه موجب لانتفاء الحكم”.

التجديد أولى من التوكيد، ومقتضاه أن الأصل في الكلام أن تتمايز فيه المعاني ولا تتكرر حتى لا يقع الاجترار فإذا احتمل الكلام أن يكون دالا على معنى جديد أو أن يكون مكررا لمعنى سالف، فالأولى أن يحمل على المعنى الجديد. “واللازم المخالف بمخالفته للمنطوق تثبت من جهته فائدة جديدة“.

مبدأ اللزوم ومراتب الدلالة.. (11)

التكثير أولى من التقليل، وحاصله أن الأصل في الكلام أن يدل على أكثر من فائدة توفي بالغرض منه، بحيث إذا احتمل الكلام وجهين: وجه الفائدة الكثيرة ووجه الفائدة القليلة، كان الأولى حمله على الفائدة الكثيرة، إلا أن يدل الدليل على خلاف ذلك. “والأخذ باللازم المخالف يتضمن تكثيرا لفائدة الخطاب”.

وترجع هذه القواعد الخطابية في جملتها إلى أصل أو مبدإ خطابي عام هو مبدأ الإفادة، ومقتضاه أن المتكلم يتعاطى من الإفادة ما يراه مناسبا لسد حاجة المخاطب منها[1]. وهذه القواعد الخطابية المستندة إلى مبدإ الإفادة هي التي توجه المخاطب إلى اعتبار كل حكم مقيد بهذه الأداة أو تلك من أدوات اللغة مشعرا بتعلق الحكم بذلك القيد وجودا وعدما، أي أن المتكلم مادام قد أتى بأفيد ما يستطيع، فذكره للقيد يحمل المخاطب على قصر الحكم عليه أو تعليقه عليه حسب عبارة الباجي[2].

يتبع في العدد المقبل…

——————————————

1. اللسان والميزان، طه عبد الرحمان، ص: 118-119.

2. إحكام الفصول في أحكام الأصول، ص: 444.

أرسل تعليق