Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مبدأ اللزوم ومراتب الدلالة.. (10)

ومن جملة تعاريف الأصوليين لمفهوم المخالفة أنه دلالة اللفظ التزاما على ثبوت نقيض الحكم المنطوق به للمسكوت عنه عند انتفاء قيد معتبر في تشريعه[1].

من هذه المعطيات والبيانات يمكن القول إن مفهوم المخالفة دلالة لزومية تداولية تختص بكونها تسند إلى المسكوت عنه نقيض الحكم المنطوق به، ووجه اعتبارها لزومية كونها تحصل بطريق الاستدلال. أما وجه اعتبارها تداولية كونها تتحدد بمقام الكلام وسياقه.

وإذا عقدنا مقارنة بين المفهوم الموافق والمفهوم المخالف يتضح “أن العنصر المتغير في اللازم الموافق هو الواقعة التي ثبت الحكم لها، وأما الحكم فلا يتغير بخلاف اللازم المخالف، فالمتغير فيه هو الحكم لا الواقعة؛ لأنه عبارة عن إعطاء الواقعة المذكورة نقيض الحكم عندما ينتفي عنها القيد المذكور، وبناء على هذا الفرق يمكن القول بأن المفهوم الموافق توسيع لدائرة الحكم سلبا وإيجابا بخلاف المفهوم المخالف فهو تضييق لدائرة الحكم سلبا وإيجابا[2].

مبدأ اللزوم ومراتب الدلالة.. (10)

كما ينضبط مفهوم المخالفة بما يدعى “معيار الإفادة“، ومقتضى هذا المعيار أن الأصل في القول هو أن يفيد إفادة تامة، بحيث لا تكون دلالته مقصورة على المنطوق به وحده بل تتعداه إلى الدلالة على المسكوت عنه دلالة مناقضة.

ولقد أحصى الأصوليون عددا من عناصر الكلام واعتبروها تتنزل منزلة الأسباب الحاملة على الأخذ بمفهوم المخالفة، واصطلحوا على تسميتها بقيود الحكم كالصفة واللقب والشرط والغاية والعدد، ووضعوا لهذه القيود شروطا معلومة[3] حاصلها التحقق من فائدتها في بيان تشريع الحكم من حيث مجال تطبيقه[4]، واستندوا في إظهار حجية هذا المفهوم -كما أشرنا سابقا- إلى عرف التخاطب[5]، ومنطق الشرع[6]، وفهم الصحابة. ونريد في هذا الموطن الوقوف عند أوصاف أربعة يمتاز بها مفهوم المخالفة وهي:

الانضباط بقواعد اللغة؛

الانبناء على النقيض؛

تعدد مظاهره؛

اشتراكه مع مفهوم الموافقة في الآلية الاستدلالية..

يتبع في العدد المقبل…

——————————————————-

1. تفسير النصوص في الفقه الإسلامي محمد أديب صالح، 1/609، ط 3، 1984، المكتب الإسلامي، بيروت.

2. دلالة الالتزام وأثرها في الأحكام، أبوه ولد أطراح، ص: 181.

3. انظر مفتاح الوصول، ص: 556، وما يليها، مذكرة في أصول الفقه، ص: 288 وأصول الفتوى والقضاء، ص: 360، وما بعدها.

4. المناهج الأصولية، فتحي الدريني، ص: 423، الشركة المتحدة للتوزيع، ط 2، 1985، دمشق.

5. أحكام الفصول، الباجي، ص: 441.

6. يقول الإمام الشافعي فيما حكاه عنه إمام الحرمين في كتابه البرهان: “فإذا ثبت القصد واستدعاؤه غرضا فليكن ذلك الغرض آيلا إلى مقتضى الشرع، وإذا كان كذلك وقد انحسمت جهات الاحتمالات في إفادة التخصيص، انحصر القول في أن تخصيص الشيء الموصوف بالذكر يدل على أن العاري عنها حكمه بخلاف حكم المتصف بها” البرهان في أصول الفقه، أبو المعالي الجويني، 1/307، تحقيق، د عبد العظيم الديب، ط 1، 1992، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، المنصورة.

أرسل تعليق