Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الإنظار الإلهي ونظام التدافع الدنيوي

قال الله عز وجل في محكم كتابه الحكيم: “قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم” [الحجر، 36-38].

سيقت الآيات الكريمة في مقام قصة خلق الله تعالى للبشر وأمره عز وجل الملائكة بالسجود لأبيهم آدم وسجودهم له جميعا إلا إبليس لقوله تعالى: “إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ اَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ” [الحجر، 31-35].

يبدو من هذا المقام عصيان إبليس لله عز وجل وتعليله عصيانه بأن آدم مخلوق حقير ذميم لا يستأهل السجود[1]. ولما علم إبليس بنتيجة عصيانه سأل الله تعالى الإبقاء عليه إلى يوم الوقت المعلوم. لا يربط إبليس لعنة الله له بعصيانه المتبجح والمستنكر لله تعالى، وإنما يربطها بآدم باعتباره مخلوقا خلق من طين.

الإنظار الإلهي ونظام التدافع الدنيوي

نعم لقد رغب إبليس في الإنظار فاستجاب الله تعالى له، كما في قوله: “قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم“. نعم لا شك في ذلك، ولكن لا تعكس هذه الرغبة من إبليس في الإبقاء ودعائه الإنظار مجرد حقده على البشر، وإنما تعكس أيضا سعيه المستمر في الإغواء والخداع مما يستلزم من البشر مزيدا من اليقظة و الانتباه.

وعلى كل حال إن هذا الإنظار، و كما قال الإمام بن عاشور رحمه الله: “رمز إلهي على أن ناموس الشر لا ينقضي من عالم الحياة الدنيا، و أن نظامها قائم على التصارع بين الخير والشر، والأشرار و الأخيار. قال تعالى: “بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ” [الاَنبياء، 18] وقال: “كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ“[الرعد، 19]. فلذلك لم يستغن نظام العالم عن إقامة قوانين العدل و الصلاح و إيداعها إلى الكفاة لتنفيذها والذوذ عنها”[2].

——————————————-

1. سبق لإبليس ان علل في موضع آخر من القرآن المجيد سبب معصيته لله تعالى بقوله: “أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ” [ص، 75].

2. ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوري، ج: 14، ص: 49.

أرسل تعليق