Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

سارة الحلبية… الشاعرة المتألقة

في هذا العدد من جريدة ميثاق الرابطة الغراء نعيش مع أديبة وشاعرة ومتصوفة.. جمعت بين الأدب والعلم فكانت مبدعة بامتياز ارتبط الإبداع الشعري النسوي باسمها بحيث وظفت في شعرها أساليب أدبية ساحرة تعشقها النفوس وتطمئن إليها القلوب تحاكي الواقع الاجتماعي وتلامسه.. “إنها سارة بنت أحمد بن عثمان بن الصلاح الحلبية.الأستاذة الشاعرة الأديبة”[1] عرفت بآدابها وسمتها وأخلاقها العالية برعت في نظم الشعر قال عنها صاحب كتاب جذوة الإقتباس ابن القاضي المكناسي في ترجمة ابن سلمون: “ولقي بفاس-ابن سلمون- الشيخة الأستاذة الأديبة الشاعرة سارة الحلبية، وأجازته، وألبسته خرقة التصوف[2] وابن سلمون هذا ذكره الإمام الشيخ محمد بن محمد مخلوف في كتابه “شجرة النور الزكية” في طبقات المالكية بقوله “عبد الله بن علي بن سلمون هو أبو عبد الله بن علي بن عبد الله (…) وحيد عصره وفريد دهره علما وفضلا وخلقا ولد سنة 669هـ وتوفي شهيدا في واقعة طريفة سنة 741هـ[3].

و”خاطبت ابن رشيد الفهري وخاطبها ودخلت الأندلس ومدحت أمراءها، وقدمت على سبتة ومدحت رؤساءها وخاطبت كتابها وشعراءها[4].

ومن شعرها تخاطب مالك بن المرحل:

يـــا ذ العلا يـــا مالــكـــي         أنـــعـــــم عـــلي بمــــلك

العالــــم المتفنن البــــحر         المحـيـــــــط الســـــالـــك

يا نفس إن جـاد الــــزمــــ         ــــــــــان بـه بلغـت منالك

  ولطالــــــــما قد نالـــــــت         أملت مـــــــن آمـــــــــالك[5]

سارة الحلبية... الشاعرة المتألقة

ومالك بن المرحل هذا هو “القاضي أبو الحكم مالك بن عبد الرحمان السبتي يعرف بابن المرحل السبتي الإمام العالم الماهر الأديب الشاعر له ديوان شعر في الأمداح النبوية ولد سنة 605هـ وتوفي سنة 699ه[6].

فأجابها مالك ابن المرحل وذلك بمدينة سبتة بقوله:

يا نـــذرت الــدنيــا لقــــد       حــزت العـــلا بكـــــمالك

جـــمعت لـك الأدب حــــ       ـــــتى إنـــهن كـــــمالك

وملكت أفئـــدة الـــــورى       فالنـــاس فيــك كـــمالك

  إن قايســـوك بـــمالــــك       ألفــــوك أملـــك مــالــك[7]

   فأجابته:

ورد الخطــاب فسرني مضـمونه      وددت أني فـــي الفــؤاد أصـونه

واشتقت كاتبه كما اشتق الكرا      من لا تنام مـن الغــــرام جفـونه

وقالت رحمها الله “وصلتني أبيات سيدي أبقى الله مطلع سعادته ومجمع سيادته، ومنبع كل حسن وزيادته (…) فنشقتُ مسكها المختوم، وحليت بصري وبصيرتي من ذرها المنظوم ووشيها المرقوم فرأيت من السحر ما طوق النحر ومن البيان ما أخر اللسان..”[8].

وكتب إليها مالك:

قــــل للتي كــــادت بـرائق      شعرها تحكـي ابن ســارة

الآن إن ســــــــارت ركـــــا      بــــــك دعـــــيت ســــــارة

بـل أنت هاجــــر إذا هـــجر      ت بتونــــس دار الإمـــــارة[9]

وكتب إليها إبراهيم التلمساني:

فلاحــي أن أرى بنت الصلاح      فأحضــى باقتراب واقـــتـــراح

فإن تسمح أنل حظا جسيما      ومن لي أن تعامل بالســماح

فأجابته:

وفقت علـــــى معانــيها الـــملاح        فكــــان ورودهــــا للـــهمم مـــاح

فإن يـــكن الصلاح بـــأن تـــــراني        ففي مرءاك لي أوفـى الصــــــلاح[10]

وكتبت لأبي ابن البواب؟:

يا أيها الندب الكريم المنتخب       ومن له دون الورى كل الأدب

ومن ذكــــــاه نير مـــــثل ذكا       نال به من المعاني ما أحـب

    فأجابها ابن البواب:

أرسلــــت البــــحر مـــن الحـكم         ونظـــمت الــذر مــــن الكــــــلم

فجنــــيت جـــــني أزهـــــــــاره         من مـــفتــــــــتح أو مـــختتــــم

ووردت مـــــوارد صــــــفحــــــته         فكرعت لــــــدى نهـــــر الــكـرم

فشــــفا ذنفا ونــــــفى أســفا         وطـــفا وصفا صــــفو الــــــديــم

حــــــاولت تكـــتمــــه فــــبـــدا         إذ ليــــس الصبـــــح بمــكتتـــم

  والمســــــك إذ تـــخفــــيه لـــه         نسمات توجد فــــي النسيــــم[11]

يبدو من خلال هذه الأبيات المحكمة النظم أن عالمتنا الجليلة سارة بنت أحمد بن عثمان بن الصلاح الحلبية تجيد قول الشعر ولا تمل من صياغة أبيات متنوعة تخاطب الروح والوجدان أبيات تحمل معاني ودلالات راقية فقد مدحت مجموعة من الأدباء والشعراء.. بجزالة ألفاظها وثراء معانيها وفنونها.. ومما خاطبت به أمير سبتة الفقيه أبا حاتم أحمد بن محمد العزفي وذاك عند قدومها عليه:

 بشراك يا نفس نلت السؤال والأمل        وعاد دهرك بعد الجــــور قـــــد عـدلا

 ونلت ما كنت طول الـــدهر تأمـــــله        وعنك أضحى العنا والـــبؤس مرتجـلا

 فروض بشـــــراك لا تـــذوى أزهــاره        وورد نشـــرك طــــيب قد صفا وحـلا

وقد وصلت إلى بحر الندى علم الهــ        ـــدى أيي حاتم ابن السادة الفضلا

هو الذي لــــــم يــــزل والله يكـــلؤه        يرجى لدفــــع ملـــــم مـــــؤلم نزلا

هو الـذي صدره للعلم مـــــــنـشرح        وأودع الله فيه علــــــــم ما جـــــهلا

    مولاي جئتكم للفـــــــضل قــــاصدة        عن صقع أرضكم لا أبتـــــغي بـــدلا[12]

معظم المصادر التاريخية لم تقف على تاريخ وفاة سارة بنت أحمد بن عثمان بن الصلاح الحلبية؛ قال المكناسي: “لم أقف على وفاتها إلى الآن رحمة الله تعالى عليها[13].

رحمها الله تعالى وأسكنها فسيح جنانه…

———————————————

1.  جذوة الاقتباس في ذكر من حل من الأعلام مدينة فاس أحمد ابن القاضي المكناسي، ص: 522 الطبعة 960م/ 1025هـ، دار المنصور للطباعة والوراقة الرباط 1973.

2. نفس المصدر، ص: 522.

3. شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، ص: 214، للشيخ محمد بن محمد مخلوف، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.

4. الإعلام للزركلي، ج: 2-ص:  69- الطبعة الرابعة عشر 1999، دار العلم للملايين.

5. جذوة الاقتباس، 523.

6. شجرة النور الزكية، ص: 202.

7. جذوة الاقتباس، ص: 524.

8. نفس المصدر، نفس الصفحة.

9. نفس المصدر، نفس الصفحة.

10. نفس المصدر، ص: 525.

11. نفس المصدر ص: 526.

12. نفس المصدر، ص: 527.

13. نفس المصدر، ص: 529.

 

أرسل تعليق