Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

دعاء أهل الجنة

يقول عز وجل تقدست أسماؤه: “دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وءَاخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين” [يونس، 10].

دعاء أهل الجنة

تحكي الآية الكريمة ما سيكون عليه المؤمنون الصالحون من نعيم لقوله تعالى: “إن الذين ءَامنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الاَنهار في جنات النعيم” [يونس، 9]. ما كان لهم أن يكونوا صالحين في الدنيا من غير أن يثمر إيمانهم عملا صالحا، وما كان لهم أن يتنعموا بنعيم الجنة في الآخرة من غير أن يكونوا مؤمنين صالحين في الدنيا. وعليه فلما كانوا في الدنيا منشغلين ومبتلين بالشر وبالخير لقوله تعالى: “ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون” [الاَنبياء، 35]؛ فإن الله تعالى قد كف عنهم في الآخرة جميع أنواع الابتلاء والامتحان وعوضهم عنها بأنواع النعيم.

إن ما يشغل المؤمنين الذي سبق لهم العمل الصالح في الدنيا هو الدعاء والتحية. دعاؤهم محصور في التسبيح، سواء في مقدماته لقوله تعالى: “دعواهم فيها سبحانك” أم في خواتمه لقوله أيضا: “وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين. بكلام آخر يبدؤون دعاءهم بالتسبيح فينزهون الله تعالى عن كل سوء. وإذا أرادوا الانتقال إل حالة أخرى من أحوال النعيم في الجنة ختموا دعائهم بالتحميد[1]. والجدير بالإشارة إليه في هذا الصدد تنبيه الرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فضل التسبيح والتحميد لما رواه البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “كلمتنا حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم[2]. أما تحيتهم فهي سلام لقوله تعالى: “وتحيتهم فيها سلام”. والسلام كلمة يجمع معناها بين معنيين: معنى الحياة الطيبة، ومعنى الصفاء من الأكدار العارضة فيها.

لا ينشغل أهل الجنة من المؤمنين الذين سبق لهم عمل الصالحات في الدنيا بالأموال وبأنواع الجاه وبجلب المصالح وبدفع المفاسد. فقد أغناهم الله تعالى عن الانشغال بهموم الدنيا وكفهم عن الاهتمام  بشواغلها المختلفة فرفرفوا في آفاق التسبيح والتحميد والسلام. ومن المفيد أن نستحضر ما علل به الإمام بن عاشور رحمه الله هذا الدعاء، إذ قال: “إن ما هم فيه من النعيم هو غاية غايات الراغبين، بحيث إذا أرادوا أن ينعموا بمقام دعاء ربهم الذي هو مقام القرب لم يجدوا أنفسهم مشتاقين لشيء يسألونه فاعتاضوا عن السؤال بالثناء على ربهم فألهموا إلى التزام التسبيح لأنه أدل على التمجيد والتنزيه، فهو جامع العبارة عن الكمالات[3].

والله المستعان

———————————————–

1. يروى أن عليا كرم الله وجهه قال: “هي كلمات رضيها الله تعالى عن نفسه“. وقال طلحة بن عبد الله: “قلت: يا رسول الله ما معنى سبحان الله تعالى؟ فقال: معناها تنزيه الله تعالى من السوء“. ابن عطية، المحرر الوجيز، ج: 3، ص: 107.

2. صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: “ونضع الموازين القسط ليوم القيامة”، رقم الحديث: 7563.

3. ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، ج: 10، ص: 103.

أرسل تعليق