Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

باستقامة شباب الأسر تستقيم المجتمعات (7)

التيار المتدفق المتجدد الذي يشحن الأمة طاقة متجددة، لتنسى جراحها، وما تخلفه من أوجاع وآلام فلا تحس بإرهاق وآلام هو الشباب المسلم؛ لأن كل شاب جندي من جنود الله في هذا الوجود، إذ يحرك الساكن ويدفع بالمتحجر إلى الأمام، وينزع منه الخوف والضعف ويمده بالشجاعة والصبر والقوة والإيمان، ويقوده إلى الظفر والنصر، هذه غايات الشباب المسلم الذي يندمج فيها لإقرار السلام في الأرض حتى تكون: “كلمة الله هي العليا” [التوبة، 40]، إيمانا منه بالحقيقة الأزلية الخالدة في الكون والحياة والطبيعة والفكر المستقيم، حتى يؤسس لحياة الناس والأخلاق صورة حقيقية من معاني الإنسانية السامقة، يتسع قلبه لكل طارئ على طول المدى، يحرك الإحساس الهامد ليتفاعل مع غيره ويحلق في سماء هذا الوجود كفرع عريق من دوحة العروبة والإسلام، تحمله رياح الإيمان إلى مشاتل العالم العطشى، ليزكو في كل تربة ينتج ثمارا تحت كل سماء.

شباب لا يتملق أحدا ولا يسعى في طلب نوال، وليس من قبيل المصادفة أن نصبغ على عمل الشباب صفة الإبداع، إذ هو يؤمن بأن مجرى التاريخ لا يتوقف على إرادة الساسة الكبار والصغار، فهو مؤمن بأن القدر هو الذي يوجه الأشخاص والأحداث في هذا الاتجاه أو ذاك، يهب قلبه وعقله للمسلمين وغير المسلمين في المشرق والمغرب، سيظل مثالا يحتذى بأجيالنا المقبلة عمله نادر المثال بل هو حياة نابضة بالعطاء وسلوك يزينه عقل ثاقب ذكي، وحس حاد دقيق يملك شعورا مرهفا، لا يطغيه مال ولا جاه، بعمل متواصل في صمت وإصرار وثقة بالنفس وثبات على المبدأ، يقوي شعور الأمة ويضيء الطريق لا يخيفه إرهاب، ولا توقفه المجاهل والأدغال يسجل ما يراه ويحاضر يرتفع على هام الزمان مع إكليل من الغار يبلى الدهر ولا يبلى هذا الإكليل المرصع بنياشين الاستقامة والورع.

تلك خصائص أحفاد وأسباط الصحابة والتابعين تبعث الأمة من مرقدها، وتدفع في عروقها نسغ الحياة الجديد، إذا نطق فعن ميراث من الحكمة بكلام تحفه شامة من العصمة، يلقي الله المحبة عليه، ويغشيه بالقبول، يجمع له بين المهابة والحلاوة، ولا يحتج إلا بالصدق والحق، ولا يستعين إلا بالله إن تحرك أو سكن، في وجهه صلابة الجبال، وفي عينيه هدير الأمواج، كبيرة هي أحلامه، يواصل رحلة الفهم الطويلة، عرف دروب الحياة مهما امتدت معالم الطريق، استوعب المعاني السامية للعقيدة الإسلامية، التي هي دينه والمشعل الذي أنار سبيل الهداية أمامه.

ويلوح لي أن الشباب إذا عرفنا كيف نتعامل معه بانفتاح وسعة أفق، وتقييمات جادة بقصد اكتشاف ما بداخله من كنوز وهو ما يعيننا على معرفة شخصيته الحية التي تزدحم فيها كل نوازع الحياة الإسلامية والإنسانية، فكرا وروحا وآفاقا رحبة، شباب في متناوله اسماع الناس الجديد الحافل بالأمان والتفاؤل، وفي مستطاعه أن يدلنا على الجمال الموجود في حياتنا، ومن حولنا في الطبيعة وفي الأخلاق، في الوسائل التي نطور بها شكل الحياة، والبحث عن الشعور الذي يرى هذا الجمال ويتذوقه ويحسه، وينميه في النفس وفي الحياة حتى لا تنغلق النفوس والعقول وتظل على الدوام مع العدل والكرامة ومع الاستقامة والشرف.

وقد لا يحتاج الشباب إلى كثير معاناة في البحث والدراسة والتنقيب إلى الوصول إلى الحقائق الدامغة التي تغير نسق الحياة وتضيف إلى التاريخ أسسا إنسانية من الاستقامة والحب والتآخي بين بني البشر جميعا، ذلك لأن عمله مؤكد لكسب أبعاد جديدة، وإصابة أهداف جديدة وبتأثيرات خاصة وفريدة تجمع بين الشمولية الشفافة والعبقرية والإبداع ومحاولة ناجحة تضع الإنسانية في المشوار الصحيح والسكة المستقيمة، ومواجهة جميع الأخطار وتحقيق التناسق والتكامل والترابط بين شباب العالم، وتوثيق وتعميق الروابط وصلات التعارف وتحقيق السلام والاستقرار الإنساني.

ولقد أجمع الكتاب والسنة على دور الشباب فجعلاه كشجرة باسقة مورقة الأغصان في ظلها تجد الأمة السكينة، والاطمئنان، والحب والحرية والانفتاح وهي تؤدي رسالتها الحضارية الخالدة التي تنتظرها، ذلك هو دور الشباب في التاريخ.. ومن لا يصدق فعليه أن يقرأ ماذا يقول التاريخ عن الشباب الذي حمل رسالة الإسلام، وجمع في فترة وجيزة في يده القوية أطراف الشرق والغرب، فعنت لجلاله الوجوه، وخشعت لعدله الأفئدة، وثبت سلطانه بقوة الروح وبراعة الذهن وعبقرية البيان، فأنشأ مدنية العلم ونعمة الثقافة بالإسلام، شباب جاء ليرفع الكلفة بين الناس وخالقهم، بعد أن كانوا يتوهمون أن بينهم وبين ربهم حجابا لا يرفعه غير الأحبار والرهبان، فميزة الإسلام الجميلة جدا هو رفع الوساطة بين الله والناس، فلكل إنسان الحق في أن ينظر إلى الله والوجود، كيف شاء في حدود النقل والعقل والمنطق.. وأنا من متابعتي لشباب الإسلام ولا أزكي نفسي ولا أحدا من الناس على الله عز وجل، فقلوب الشباب وهج من معاني النور الصادر من قلوب لم يلوثها نفاق اللف والدوران، فهي نفحات من أنفاس حرار من وهج الإيمان الصحيح.

وإلى الله تعالى أرفع الرجاء في أن يصيرنا والشباب من المعفو عنهم، وأن يجعلنا من عباده الصالحين وأن يمنحنا العافية بقدر ما نملك من الصبر على خدمة الإسلام والمسلمين والناس أجمعين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرسل تعليق