Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

المولى الحسن الشريف بن القاسم “الداخل”… (6)

3. سجلماسة غداة وصول المولى الحسن الداخل

أ. الوضعية العامة

كانت منطقة سجلماسة مسرحاً في القرن السابع والثامن والتاسع كذلك لأحداث واضطرابات قبلية وانتفاضات ثورية اجتماعية وسياسية لا ترتبط بالأسرة الحسنية، وإنما تنتظم في مجموع الصراع الذي كان قائماً بين التجمعات العربية المهاجرة من بني معقل والقبائل المستوطنة قديماً في سجلماسة ومنها قبائل صنهاجة وزناتة.

وعملت سجلماسة على الخروج عن طاعة الموحدين تحت قيادة عبد الله بن زكرياء الهزرجي الذي أرغم السعيد الموحدي على الخروج إليه من مراكش[1] لما استبد فيها أمره وانقاد له أهل تلك الجهات والأنحاء ووصلته العرب من جهة الصحراء وفوض له الأمور في تلك الجهات الأمير أبو زكرياء الحفصي وأطمعه في استمداده بأموال زائدة ودعا له في الخطبة بسجلماسة[2]. ورافق هذا الوضع الذي انفلت فيه الأمن في سجلماسة ونواحيها أن اتجهت قبائل المعقل وكذلك قبائل صنهاجة وزناتة إلى المدينة ونواحيها وأخذ الجميع يتنافس على السيطرة والتحكم في المنطقة. وبدأ الوضع يتجه نحو خلق ميدان للصراع والتنافس والتحكم والقوة، إلا أن القبائل المعقلية هي أقوى التجمعات البشرية التي أخذت تسيطر على المدينة[3]. وقد تحكمت في الآن نفسه في الشبكة الطرقية الواصلة بين شمال الصحراء وجنوبها كما سيطرت على طريق الحج، وصار بذلك أمير ركب الحجيج من هذا التجمع البشري العربي واشتهر في هذه الظروف أبو إبراهيم العمري السجلماسي وشيخ الركب في هذه الأثناء هو الذي أشرف على استقدام شريف ينبع النخيل من الحجاز إلى سجلماسة وإقليمها.

المولى الحسن الشريف بن القاسم "الداخل"… (6)

وهذه الأوضاع القلقة التي عرفتها سجلماسة في أواخر الموحدين صادفت واقعاً مؤلماً من التشرذم والانقسام الذي أصاب المغرب الأقصى في جنوبه وواحاته، وهو الذي حمل القيادات الاجتماعية في المدينة للبحث عن مخرج من الأزمة التي أثرت في الاقتصاد التجاري وحركة القوافل مع إفريقيا جنوب الصحراء عن طريق سجلماسة وأضعف التماسك والقوة الاقتصادية، فكان من أهل الرأي أن أخذوا يبحثون عن مخرج من الورطة، فأدى ذلك إلى تحالفات قبلية وتنظيمات اقتصادية جديدة والبحث عن حكم وسيط لحل الخلافات وإعطاء عملية التحكيم قوة شرعية ودينية واجتماعية.

وشجع الوضع على تعميق هذا المفهوم ما كان يسود في البلاد من انتفاضات متعددة مثل حركة يحيى القطراني حوالي 656 ﻫ\1258 م وما جاء بعدها من مراحل الانقسام والاضطراب والثوران بين القبائل وزعماء التنافس من أجل السيطرة على سجلماسة منفذ الحركة التجارية مع إفريقيا جنوب الصحراء وعواصم المغرب الكبرى في العصر الوسيط. كما كان للصراع المريني الزياني العبد الوادي على سجلماسة الأثر الكبير على مجرى الأحداث في المدينة وما والاها. وأدت الأوضاع إلى المعارك والحروب التي كانت في رأينا أقوى الأسباب في تدمير واندراس المدينة. وأهم تلك الحروب هي صراع قبائل المعقل وخاصة قبائل عرب المنبات ثم قبائل برابرة صنهاجة، فكان لكل ذلك تأثير في قيام الحرب على مدينة سجلماسة والسيطرة على تجارتها والتحكم في أمورها كلها، خاصة حرب سنة 672 ﻫ\1273 م التي حشد فيها السلطان المريني يعقوب بن عبد الحق جيوشه لاسترجاع سجلماسة من يد بني عبد الواد وعرب المنبات المتحالفين معهم، واستعمل في حصاره على المدينة قوة عسكرية كبيرة: “من المجانيق والعرادات وهندام النفط القاذف بحصى الحديد ينبعث من خزانه أمام النار الموقدة”[4]، واستمرت القوات المرينية في حصار سجلماسة “إلى أن هتك المنجنيق من سور لها برج ومسافة، فانهدّ البرج والمسافة، فدخلها من هنالك عنوة بالسيف[5].

يتبع في العدد المقبل…

——————————–

1. نفسه ونفس المرجع، حافظي علوي، حسن، سجلماسة وإقليمها في القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي، الرباط، منشورات وزارة الأوقاف، ص: 193.

2. المراكشي، ابن عذاري، البيان المغرب، قسم الموحدين. الدار البيضاء، دار الثقافة، 1985، ص: 363.

3. جوليان، شارل أندري، تاريخ إفريقيا الشمالية. تعريب البشير بن سلامة ومحمد مزالي، تونس، الدار التونسية للنشر، الجزء الثاني، ص: 78.

4. ابن خلدون، أبو زيد عبد الرحمن بن محمد: كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر. بيروت، دار الكتاب اللبناني 1981 الجزء 7، ص: 249.

5. ابن أبي زرع، المصدر السابق، ص: 312.

أرسل تعليق