Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الاستجابة والاستقامة

قال تعالى في محكم كتابه الحكيم: “قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون” [يونس، 89].

على أغصان الشباب تنضج ثمار الحضارة

استجاب الله تعالى لدعوة موسى وأخيه هارون[1]، فسلب عن فرعون وملئه الأموال وأنواع الزنة الدنيوية ثم أتبعهم بالمصائب المختلفة التي يقصها القرآن المجيد، كما في قوله تعالى: “ولقد اَخذنا ءَال فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون” [الاَعراف، 130]، وقوله: “فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ءَايات مفصلات” [الاَعراف، 132].

وقد فرع على إجابة الدعوة النبوية هنا أمر إلهي بالاستقامة والنهي عن اتباع سبيل الذين لا يعلمون أعني أن الله تعالى رتب على الاستجابة حث على مزيد من الاستقامة[2] التي يرافقها عدم التفات إلى الطرق التي يسلكها غير العلماء. فالداعي إذا دعا الله تعالى ينبغي أن يتقيد بالسلوك العلمي الذي يفوض أمره إلى الله تعالى. فهو الذي يستجيب في الوقت الذي يريد سبحانه، و هو الذي يجيب في الظرف المكاني أو الزماني الذي يقدره؛ لأن الإجابة الإلهية قطعية لقوله تعالى: “وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان” [البقرة، 185]، وهو معنى سبق أن ألح عليه ابن عطاء الله السكندري في حكمه، إذ قال رحمه الله: “لا يكن تأخر أمر العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك، فهو[3] قد ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك لا فيما تختاره لنفسك، وفي الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد”[4].

ويدل المفهوم المخالف[5] لقوله تعالى: “ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون” [يونس، 89] على إباحة أو وجوب الالتفات والتفتح على ما يبنيه ويشكله العلماء الراسخون من أفكار وآراء وبرامج ونظريات. فالمسلم، وبالأحرى العالم المسلم، ملزم بالانفتاح الواعي على ثمراتها النظرية وتطبيقاتها العملية المختلفة؛ لأن ذلك من مقتضيات الاستقامة على أحكام الشريعة ومقاصدها السامية.

————————————————

1. يروى عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن موسى كان يدعو وهرون يؤمن. وهكذا إن من يقول عند دعاء الداعي آمين فهو أيضا داع؛ لأن قوله آمين استجب فهو سائل. الرازي، مفاتيح الغيب، ج: 17، ص: 128، وينظر المقال السابق في موضوع: “الدعاء بسلب النعم“، والتي تتصل بقوله: “وقال موسى ربنا إنك ءَاتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اَطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يومنوا حتى يروا العذاب الاَليم قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون” [يونس، 88-89].

2. في حديث عمرة الثقفي قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك. قال: قل: “آمنت بالله ثم استقم”. رواه مسلم، باب جامع أوصاف الإسلام، رقم الحديث 336.

3. أي الله عز وجل.

4. ابن عطاء الله السكندري، ج: 1 ص: 7.

5. مفهوم المخافة هو دلالة اللفظ المنطوق به على نقيض الحكم المسكوت عنه لانتفاء قيد من القيود المعتبرة في الحكم.

أرسل تعليق