Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الأمن الاجتماعي.. (1)

الاستئثار بالثروة وآثارها

للثروة والمال في الإسلام نظرة مهمة ومتميزة، وهي أن الثروة سواء كانت مالاً منقولاً أم غير منقول تعتبر جزء من قوام الإنسان في الحياة، فقال تعالى: وَلا تُوتُوا السُّفَهَاءَ ءَامْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا” [النساء، 5]، وبالقدر الذي حرص فيه الإسلام على أن لا تهدر الثروة إسرافاً، ومن غير وعي، وسن القوانين الشرعية لحماية الأموال والثروات[1]، إلا أنه لم يجعل من جمع المال والثروة غاية دينية ولا دنيوية، وإنما جعلها وسيلة يستعان بها في تحصيل ضروريات وحاجيات وتحسينات الحياة الكريمة، أي وسيلة تتحقق بها مقاصد الشرع وحقوق الإنسان معاً.

الأمن الاجتماعي.. (1)

إن موقف الإسلام هو في عدم جعل جمع الثروة المالية غاية إسلامية، ولا يقتصر على الحياة الفردية، وإنما كذلك على حياة المجتمعات والدول الإسلامية، بل جعل توزيع المال هو محور الحياة الاقتصادية في الإسلام، والذي عبر عنه الإسلام بمفهوم الإيتاء، كما في قوله تعالى: “وَسَيُجَنَّبُهَا الاَتْقَى الَذِي يُوتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الاَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى” [الليل، 17-21 ]، وقوله تعالى: “وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” [المزمل، 18]، فالإيتاء فعل فردي وفعل جماعي، والغاية تزكية النفس والمجتمع معاً.

أما أساس هذه الحياة الاقتصادية فهو أن الأشياء والثروة والمال رزق من الله تعالى، وهي متوفرة بقدر حاجة الناس إليها، وسعيهم لتحصيلها واكتشافها واستخراجها، ولا يقوم وجود الأشياء في الطبيعة والاقتصاد على مبدأ الندرة، وإنما على مبدأ الوفرة، فالله تبارك وتعالى خلق السموات والأرض وقدر فيها أقواتها للناس جميعا، فقال تعالى: “وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ” [فصلت، 9]، وقال تعالى: “وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ” [الذاريات، 22].

فلا حاجة للإنسان أن يكون غنياً مترفاً، أي كثير المال ومستعملاً له في اللهو والتبذير والمفاسد، ولا حاجة للمجتمعات أن تكون غنية ومترفة، أي كثيرة المال ومستعملة له في اللهو والملذات والمفاسد، ولا حاجة للدول أن تكون غنية ومترفة، أي كثيرة المال ومستعمله له في اللهو والملذات والمفاسد، وإنما الحاجات هي في توفر المال وحرية تداوله بين أيدي كل الناس أفراداً ومجتمعات ودولاً، سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية، وبقدر توفر المال وحرية تداوله، بطرق قانونية ومشروعة تكون القوة الاقتصادية، وبقدر عدم توفره، أو تكديسه وجمعه وخزنه والاستئثار به يكون الضعف والانهيار، لأن جمعه وكنزه يعادل عدم توفره، بل هو أشد ضرراً وأكثر شراً..

يتبع في العدد المقبل..

————————————————

1. حقوق الإنسان في الإسلام، الدكتور علي عبد الواحد وافي، دار نهضة مصر، القاهرة، الطبعة الخامسة، 1398هـ-1979م، ص: 269.

أرسل تعليق