Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مفهوم الاستدلال الحجاجي.. (5)

3 . مفهوم الحجاج[1]

نروم الآن بعد التحديدات السابقة، تحقيق مفهوم الحجاج كفعالية استدلالية متميزة عن البرهان، ولتحقيق هذا الغرض نرى من الأفيد استعراض طائفة من التعاريف والآراء لأصحاب هذا الشأن من العلماء.

لقد أورد “ريمون دوفال”: “Raymond Duval” فروقا ثلاثة بين البرهان والحجاج هي:

أ. أن العلاقات بين المقدمات والنتيجة في البرهان تكون مبنية على صورة القضايا وحدها، بينما تستند هذه العلاقات في الحجاج إلى مضمون تلك القضايا المشكلة له؛

ب. تثبت النتيجة في البرهان ما هو موجود سلفا في المقدمة، بينما في الحجاج تثبت النتيجة شيئا آخر زائدا عما هو مثبت في المقدمة، وذلك استنادا إلى مبدإ تكثير الفائدة؛

ج. أن بنية البرهان ذات وضع استدلالي ثابت ومحدد (مسلمة، تعريف، مبرهنة). أما الحجاج فيمتاز بوضع استدلالي تكون له قيمة معرفية مخصوصة، حيث اليقين والبداهة يكونان مقرونين بمضمون القضايا ومقام الاستدلال[2]..

مفهوم الاستدلال الحجاجي..

أما ميشال ميير: “Michel Meyer”  فقد ساق تعريفا للحجاج في كتابه القيم “المنطق واللغة والحجاج” جاء فيه: “الحجاج هو دراسة العلاقة بين الصريح والمضمر”[3]. وقال في موضع آخر من كتابه المذكور: “يعرف الحجاج كمحاولة للإقناع، ويعتبر البعد الحجاجي أساسيا بالنسبة للغة، على اعتبار أن كل خطاب يجنح نحو إقناع من يتوجه إليه، ومن جهة أخرى يعرف الحجاج أيضا بأنه استدلال غير صوري وغير ملزم في مقابل الاستدلال البرهاني ذي الضرورة والصرامة اللتين لا تحتملان النقاش، هذان التعريفان مرتبطان، إذ لا نحاج إلا لكون الحجج لا ترتبط بالضرورة المطلقة للرياضيات، مما يعني احتمال وجود الاختلاف[4].

وبين “ميير” أن الحجاج يمتاز بكونه استدلالا يحث على العمل إما بشكل مباشر، بحيث يحمل المخاطب على اتخاذ موقف أو انتهاج سلوك إزاء موضوع معين، أو بشكل غير مباشر إذا اكتفى المتحاج بتوصيل آراء أو نتائج قابلة للتوظيف حين مواجهة موقف معين في وقت لاحق[5].

—————————————————-

1. الحجاج والمحاجة مصدران لفعل حاجج، جاء في اللسان:

“حاججته أحاجه حجاجا ومحاجة حتى حججته أي غلبته بالحجج التي أدليت بها (…) والمحجة الطريق، وقيل جادة الطريق، وقيل محجة الطريق سننه (…) والحجة البرهان، وقيل الحجة ما دوفع به الخصم، وقال الأزهري الحجة الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة، وهو رجل محجاج أي جدل. والتحاج: التخاصم، وجمع الحجة حجج وحجاج، وحاجه محاجة وحجاجا نازعه الحجة (…) واحتج بالشيء اتخذه حجة. قال الأزهري: إنما سميت حجة لأنها تحج أي تقصد؛ لأن القصد لها وإليها، وكذلك محجة الطريق هي المقصد والمسلك (…)، والحجة الدليل والبرهان”. لسان العرب، ج: 2 / 779.

2. Jean Blaise Grize, Argumentation et logique naturelle, in HERMES, 15, CNRS, Ed Paris 1995, p 264.

3. M. Meyer, Logique language et argumentation, Ed. HACHETTE, Paris 1982, p 112.

4. Ibid, p 136.

5. Ibid, p 138.

أرسل تعليق