Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مفهوم الاستدلال الحجاجي.. (1)

غرضنا في هذه العجالة بيان مفهوم الاستدلال الحجاجي كاشتغال عقلي متميز له خصائصه ومواصفاته، إلا أننا قبل ذلك نحتاج إلى التوطئة بتحديد عام للاستدلال من الناحية اللغوية والاصطلاحية فقصد به لغة طلب الدليل قصد الوقوف على مطلب من المطالب حسيا كان أو معنويا؛ أما في الاصطلاح فقد جرى رسم العلماء على إطلاق لفظ الاستدلال للدلالة به على معاني متقاربة إن لم تكن متطابقة، وهذه عباراتهم نسوقها قصد الاستئناس.

مفهوم الاستدلال الحجاجي.. (1)

وفي سياق آخر فقد عرفه الإمام أبو الحسن الأشعري بقوله: “إن الاستدلال هو النظر والفكرة من المفكر والمتأمل، وهو الاستشهاد وطلب الشهادة على الغوائب[1]. أما الرازي فحده بكونه “ذكر الدلالة بالقول وترتيبها بالفعل، فكأن ذاكر الدلالة والمتكلم فيها يتكلفها ويطلب التوصل إليها من أصول الشرع[2]. ويرى الباجي في كتابه المنهاج أن لفظ الاستدلال إذا أطلق يراد به “تفكر الناظر في حال المنظور فيه طلبا للعلم بما هو ناظر فيه، أو لغلبة الظن إن كان مما طريقه غلبة الظن. والدليل ما صح أن يرشد إلى المطلوب وهو الحجة والبرهان والسلطان، والدلالة هو الدليل، والدال هو الناصب للدليل، والمستدل هو الطالب للدليل وقد يكون المحتج بالدليل، والمستدل عليه هو الحكم، وقد يكون المحتج عليه والمستدل له يقع على الحكم لأن الدليل يطلب له وقد يقع على السائل[3].

ومن منظور آخر نجد تعريفا آخر عند الأستاذ عبد الرحمان حبنكة الميداني في كتابه ضوابط المعرفة جاء فيه: “الاستدلال هو استنتاج قضية مجهولة من قضية أو من عدة قضايا معلومة، أو هو التوصل إلى حكم تصديقي مجهول بمحلاظة حكم تصديقي معلوم أو بملاحظة حكمين فأكثر من الأحكام التصديقية المعلومة[4].

وللأصوليين مفهوم للاستدلال أخص مما ذكر إذ يطلق عندهم على: “طلب الدليل الشرعي للتوصل بالنظر الصحيح فيه إلى الحكم الشرعي[5]. إلا أن الدليل المطلوب قد يكون عاما شاملا للأدلة النصية من الكتاب والسنة وغير الأدلة النصية كالإجماع والقياس، وقد يراد به دليلا مخصوصا وهو “ما ليس بنص ولا إجماع  ولا قياس علة وهو ثلاثة أقسام تلازم بين حكمين من غير تعيين علة واستصحاب وشرع من قبلنا[6]. أما التلمساني فإن الاستدلال عنده لا يكون إلا بطريق التلازم أو التنافي بين الحكمين “فإن كان بطريق التلازم فهو ثلاثة أقسام: استدلال بالمعلول على العلة واستدلال بالعلة على المعلول، واستدلال بأحد المعلولين على الآخر وإن كان بطريق التنافي فهو ثلاثة أقسام أيضا: تناف بين حكمين وجودا وعدما، وتناف بينهما وجودا فقط، وتناف بينهما عدما فقط، فجميع أقسام الاستدلال ستة[7].

———————————————

1. مجرد مقالات الأشعري، ص: 317 ، دار الشرق، بيروت، 1987.

2. الكاشف عن أصول الدلائل وفصول العلل، ص: 19، ط 1، 1992، دار الجيل، بيروت.

3. المنهاج في ترتيب الحجاج، الباجي، ص: 11-12.

4. ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة، عبد الرحمان حسن حبنكة الميداني، ص: 149، ط3، 1988، دار العلم، دمشق.

5. أصول الفقه الإسلامي، محمد مصطفى شلبي،، ص: 50، ط 2، 1978، دار النهضة العربية، بيروت.

6. منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل،  ابن الحاجب، ص: 202-203.

7. مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول، ص: 734، ط1، 1998، المكتبة المكية، مكة المكرمة، مؤسسة الريان، بيروت؛ انظر كذلك التعريفات للجرجاني، ص: 17، ط 1، 1983، دار الكتب العلمية، بيروت.

أرسل تعليق