Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

٪ تعليقات

شيوخ التربية ..المهام والفاعلية في المجتمع المغربي

2. تحقيق الوحدة الوطنية

برزت في التاريخ الإسلامي عموما والتاريخ المغربي على الخصوص، أسماء لصوفية خلَّد الزمان ذكرهم، وابتهج الأنام بأيامهم، كان لهم دور كبير في تعزيز الوحدة الوطنية، وحفظ الدين، ونبذ كل أشكال التفرقة والميز العنصري، وإخماد نار الفتن، وتوحيد القبائل المتناحرة، ومحاربة المدعين.. نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:

الشيخ مولاي عبد السلام بن مشيش: “استشهد سنة 622هـ” فقد كلفته رحمه الله مواجهة فتان ابن أبي الطواجن مدعي النبوة، والذي تسبَّبَ في قيام فتنة عظيمة وتبعه الناس على ضلالته، أن جاد بحياته صدعا بالحق، وخوفا على الأمن العقدي للناس واستقرارهم وكرامتهم، يقول صاحب الاستقصا عن سبب استشهاد مولاي عبد السلام بن مشيش: “وكان سبب شهادته أن محمدا بن أبي الطواجن الكتامي، كان قد ثار بتلك البلاد، وانتحل صناعة الكيمياء، ثم ادعى النبوة، حسبما سلف، وتبعه على ضلالته طغام غمارة والبربر، فكان عدو الله يغص بمكان الشيخ رضي الله عنه، لما آتاه الله من شرف التقوى والاستقامة، المؤيد بشرف النسب الصميم، والعنصر الكريم، فسول له الشيطان أنه لا يتم أمر مخرقته في تلك الناحية إلا بقتل الشيخ، فدس له جماعة من أتباعه وأشياعه، فرصدوا الشيخ حتى نزل من خلوته في سحر من الأسحار إلى عين هنالك قرب الجبل المذكور، فتوضأ منها، وولى راجعا إلى محل عبادته، وارتقاب فجره، فعدوا عليه وقتلوه”[1].

الشيخ الولي أبو محمد عبد الله الجابري: “من أهل القرن العاشر” “الذي كان إذا هاجت الفتن بين القبائل يخرج فيدع الناس إلى العافية، فمن تأبَّى عنها أظهر الله فيه الاعتبار بقدرته في الحال ولم تقم له قائمة، ولما اشتهر بذلك انقاد له الخلائق فلم يقدر أحد على مخالفة أمره أو رد شفاعته”[2].

وكذلك الشيخ محمد بن المبارك الأقاوي “من أهل القرن العاشر”[3]، الذي كان “يبعث إذا هاجت الفتن بين القبائل بالكف عن القتال، فمن تعدى أمره عجلت عقوبته في الوقت. وكان رضي الله عنه جعل لهم أياما معلومة يسمونها أيام سيدي محمد ابن المبارك، لا يحمل فيها أحد سلاحا، ولا يهيج فيها أحد عدوه، ولا يقدر فيها على المشاجرة، ويجتمع فيها الرجل بقاتل أبيه أو ولده ولا يقدر أن يُكلمه، وذلك شائع في بلاد سوس عند العرب والعجم”[4].

وكذلك الشيخ محمد بن يدير التغللي “المتوفى في آخر شوال سنة 1012هـ” الذي كان “دأبه إطفاء نيران الثائرات بين الناس”[5].

ونفس الأمر مع الولي الصالح محمد بن عمرو اللمطي، حيث لما ثارت الفتنة بين قبائل لمطة، وحرش بعضهم بعضا، حتى أجمعوا على القتال، فقصده بعض الناس ليصرف الله به الفتنة فانطفأت في الحين، قال الحضيكي: “ورجعت كل قبيلة لبلدها بعدما أشرفوا على إشعال الحرب، ولو اشتعلت لأكلت من الناس ما لا يُحصى عددا ومن الأموال كذلك”[6].

يتبين لنا من خلال ما ذكر أن الصوفية سعوا جهدهم لإخماد نيران الفتن، ونشر قيم المحبة والسلم والسلام والوحدة بين الأفراد، من أجل مجتمع متينة أركانه، قويّ بنيانه، وهذا الأمر من شأنه أن يوحد المسلمين لما فيه الخير للبلاد والعباد.

——————————————————

1. الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، 3/254.

2. دوحة الناشر، 39. وطبقات الحضيكي، 2/415.

3. أرخ المختار السوسي لتاريخ وفاته لما بعد 915هـ/1510م، بينما أثبت الأستاذ محمد حجي سنة 924هـ/1518م. “أنظر هامش رقم 1 من كلام محقق كتاب: طبقات الحضيكي 2/252.)

4. طبقات الحضيكي، 1/251.

5. المصدر السابق نفسه،1/297.

6. نفسه، 2/375.

التعليقات

  1. العالمي لحسن

    بسم الله الرحمان الرحيم
    شكرا للأستاذ الفاضل على هذا الموضوع التاريخي الهام
    وأضيف وحسب ما تناقلته المصادر التاريخية بأن الشريف اللهيوي في "حصن السلام بين أولاد مولاي عبد السلام" أن حياة صاحبنا ابن مشيش كانت محصورة في العلم والتكسب، وخاصة بالفلاحة، ثم المشاركة في الجهاد بمدينة سبتة -حررها الله-، ويذكر التليدي في "المطرب" أن الشريف اللهيوي انفرد بذكر جهاد عبد السلام بن مشيش بسبتة نقلا عن سيدي عبد الحي الكتاني بدعوى أن هذا الأخير تبث عنده ذلك بوثائق؛ إلى أن جاءت مرحلته الأخيرة التي كانت مجرد تعبد وانقطاع وزهد وفناء.. ثم إن صريح قول سيدي العربي الفاسي في "مرآة المحاسن" أن سيدي عبد السلام كان يسكن بعين القشور، بينما الشريف اللهيوي يقول أنه كان يسكن بقرية أدياز التي خربت، وتبعد عن ضريحه بميلين لجهة الغروب.. ويزيد اللهيوي فيقول: أنه كان له عزيبان كان يسكن بهما، أحدهما بقرية بوزهري والآخر ببو مهدي قرب عيّاشة، ويستدل على ذلك بأن هذين الموضعين لا يزالان يحملان اسم دار مولاي عبد السلام، كذا وجود آثاره بهما..

  2. عبد الرحيم

    يعتبر الشيخ مولاي عبد السلام بن مشيش من شيوخ التربية الذين جمعوا بين علم الشريعة والحقيقة ومن أقواله رضي الله عنه: الفرائض معلومة والمعاصى مشهورة، فكن للفرائض حافظا، وللمعاصى رافضا. واحفظ قلبك من إرادة الدنيا، وإيتاء الشهوات، واقنع من ذلك كلِّه، بما قسم الله لك.
    ويقول أيضا: الزم بابًا واحدًا تُفتح لك الأبواب، واخضع لسيِّد واحد "وهو الله" تخضع لك الرقاب، وخف من الله خوفًا تأمن به من كلِّ شئ..
    اللهم ارحمه وجعل قبره روضة من رياض الجنة

  3. عبد الله متوكل

    جازاك الله خيرا

أرسل تعليق