Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

السلطة والمجتمع بتافيلالت خلال بداية القرن العشرين..(2)

كان لاحتلال الفرنسيين لقصبة تغمرت، وتقاعس السلطة المخزنية عن مواجهة هذا الخطر، أن قام سكان المنطقة بالالتفاف حول مبارك التوزنيني، وبتنظيم أنفسهم لمقاومة الغزو الفرنسي. وهكذا استطاعت حركة المقاومة بالرغم من ضعف عددها وعدتها من كسب معركة مهمة على القوات الفرنسية بموقع البطحاء قرب قصر كاوز بالسفالات يوم 9 غشت 1918. وفي 15 أكتوبر من نفس السنة تعرضت الحامية العسكرية الفرنسية بقصبة تغمرت إلى هجوم خربت خلاله القصبة وقتل القبطان أوستري وعدد كبير من الجنود الفرنسيين. وفي محاولة لاسترجاع هبة ونفوذ القوات الفرنسية بتافيلالت، قاد الجنرال بويمرو -Poeymirau- حملة عسكرية واسعة النطاق على المنطقة وحاصرها من كل الجهات[1]. إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل أمام عزيمة المقاومة المحلية التي ألحقت هزائم متتالية بالقوات الفرنسية، بل وجرح الجنرال بويمرو في إحداها “بمسكي سنة 1919”. وكان لهذه الهزائم الأثر السلبي على معنويات القوات الغازية، مما اضطر قيادتها العليا بالرباط إلى الاستنجاد بالقاعدة العسكرية الجهوية بمكناس لإرسال المزيد من القوات والعتاد تحت قيادة الكولونيل مياد -Mayade-.

ومن أجل ضبط ومراقبة تحركات المقاومة المحلية وإضعافها ماديا بشكل خاص، قامت السلطات الفرنسية بتشييد قاعدة عسكرية ببرج أرفود “blocus” الذي يمثل أعلى نقطة بالمنطقة، كما شيدت قاعدة أخرى بجبل أولاد الزهراء، ثم بتأسيس عدة حصون بمختلف مداخل تافيلالت قرب قصر الدار البيضاء وفوق جبل تنغراس.. ويعتبر تأسيس مدينة أرفود سنة 1919 على بعد 20 كلم إلى الشمال من الريصاني تجسيدا لهذه السياسة الاستعمارية، حيث اتخذها الفرنسيون كمقر لسلطتهم بالمنطقة وكانت المدينة تشتمل على كل المستلزمات الإدارية والاقتصادية “مقر الحاكم المحلي، مقر المراقب المدني، المحكمة، السوق الأسبوعي، الحرف..”. ولنفس الغاية، حاول الفرنسيون تغيير مجرى وادي زيز ببناء عدة سدود أهمها سد أولاد الزهراء، حتى يقطعوا أهم مصدر للمياه عن واحة تافيلالت.

كما حاولوا الاستعانة بكل المخبرين والمعاونين سواء منهم الأجانب أو المحليين، لتدقيق معرفتهم بالمنطقة وبسكانها، بعد أن فشلت كل الاستخبارات السابقة التي بدأ الجمع فيها منذ 1830 مع روني كايي[2]. -René Caillée- ومن جاؤوا بعده مثل ليوتنان كولونيل هنري داستوك[3] -Henri Dastugue- في الستينات من القرن 19 الميلادي. وبالرغم من كل هذه المجهودات وبالرغم من الضعف التقني والحربي للمقاومة الفيلالية ومن تصدع صفوفها بفعل سياسة بلقاسم النكادي؛ فإن القوات الفرنسية لم تستطع قط أن تبسط سيطرتها بالكامل على منطقة تافيلالت إلا مع بداية سنة 1932 وبالضبط يوم 15 يناير على الساعة السابعة صباحا[4].

 

يتبع في العدد المقبل بحول الله تعالى..

———————————–

1. Bernard (Augustin): le Maroc. Paris, Librairie Félix Alcan, 6° édition 1921. 465 pages, 5 cartes h.t. ( p 374).)

2.Caillée (René): voyages à Tombouctou. Paris, édition la Découverte,  Librairie Maspero 1979; 2 volumes, 401 pages  (Tafilalet: pp 335– 357).

Dastuge (Henri): «quelques notes au sujet du Tafilet et Sidjilmassa».

3. Bulletin de la Société de Géographie. Paris, Tome XII, avril 1867 (pp 337–380).

4. Anonyme: la pacification du sud marocain, Renseignements Coloniaux .et Documents. N° 3 année 1933 pp 49 -58 (p 49).

أرسل تعليق