Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الثابت والمتغير في اللباس البدوي

ج. أزنار أو أسلهام “البرنس أو السلهام”: يجهل أصل هذه الكلمة، يمكن أن تكون قد اشتقت من الكلمة العربية “اسلهم” وتعني تغير، ومنها انتقل إلى اللغة الإسبانية ليعرف تحت أسماء “zorame.zurame.zulame”. والسلهام عبارة عن لباس مفتوح ينسج قطعة واحدة مع غطاء للرأس، يبتدئ متسعا وينتهي ضيقا، ويعد من الألبسة القديمة بالمغرب وعرف بعدة أسماء أكثرها شهرة وتجدرا لفظ “البرنس”. وذهب ابن خلدون في كتابه العبر إلى اعتماد لفظ البرانس مقابل البتر للتمييز بين قبائل المغرب المستقرة كزناتة وتلك المتنقلة كصنهاجة، كما يورد في سياق حديثه عن لباس الأمازيغ أنه يتكون من”البرانس الكحل، ورؤوسهم في الغالب حاسرة، وربما يتعاهدونها بالحلق”[1]. ويذكر الحسن اليوسي في كتاب المحاضرات: “لو رأى أرسطو قدر البرنس في اللباس والكسكسون في الطعام والحلق بالموسى لأعترف للبربر بحكمة التدبير الدنيوي وأن لهم قصب السبق في ذلك[2]. ويشير الإمام مالك بن أنس نقلا عن نافع عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ البرنس في الإحرام للحج، فقد جاء في الحديث الشريف: “لاَ تَلْبَسُوا الْقُمُصَ وَلاَ الْعَمَائِمَ وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ وَلاَ الْبَرَانِس وَلاَ الْخِفَافَ إِلاَّ أَحَدٌ لاَ يَجِدُ النَّعْلَيْنِ..[3].

 وإذا كان البرنس قد ذكرته المصادر القديمة في المشرق والمغرب، وشبهه البعض باللباس الروماني وبلباس الرهبان المسيحيين؛ فإنه أصبح فيما بعد مقتصرا على بلاد الغرب الإسلامي بل وشكل اللباس الوطني للمغرب الأقصى، واتخذ عدة أسماء أخرى مثل “الزنار”، “الهدون”، و”الحيدوس” أو الخيدوس“. ويعتبر السلهام لباسا للمناسبات وللوقاية من البرد، وقد هم هذا اللباس مختلف شرائح المجتمع وعرف انتشارا جغرافيا واسعا. وإذا كانت العامة تنسجه من الصوف الخشن ومن الكتان؛ فإن الفئات الميسورة اتخذته من رقيق الصوف والحرير والملف والديباج.

ح. بجادور “الجبادور”: الكلمتان تحريف للفظ “الجاباضولي” الذي يعتقد أنها مشتقة إما من كلمة فارسية أو تركية جرى تداولها بالمغرب الأقصى منذ (القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي) وتعني في الأصل نوعا من الصدريات المفتوحة “gilet ouvert“، قبل أن تصبح تدل على نوع من القفاطين الرجالية اختص بها الأعيان من رجال السلطة كالقواد والباشوات. والباجادور عبارة عن لباس طويل وضيق مقارنة مع القفطان، تزينه شرائط مضفرة وأزرار متراصة من النسيج الذهبي، ولا يلبسه بالأطلس المتوسط إلا الفئات الاجتماعية الميسورة أو التي لها نفوذ في الهرم السلطوي.

3. لباس القدمين

أ. هركاس “النعل”: “أهركاس” كلمة مشتقة من “اركاسن”، وتعني بالأمازيغية “البلغة”، وهي نوع من النعال تصنع في الأصل من الحلفاء ولها فراش من جلد رديء، وتفيد لدى ساكنة مدينة فاس النعال القديمة المتلاشية. يتخذ فراشها في الغالب من جلد البقر أو الجاموس، لها سيور من الدوم أو الجلد، ويلف عليها خرق من الصوف في فصل الشتاء للوقاية من شدة البرد.

ب. إيدوشا: هي كذلك نوع من النعال لها فراش من المطاط المستخرج من بقايا عجلات السيارات، ولها شرائط من الأعلى تصنع من القنب أو الدوم أو الحبال.

ت. “تبربيشت أو سبايد “الريحية“: وهي أيضا نوع من النعال المزركشة، لها فراش من الجلد وكساء من الجلد والصوف، تلبس إلى الكعبين وقد تطول إلى نصف الساق، وتتخذ لركوب الخيل عند قبائل بني مكيلد.

ث. تبوركسين “البلغة”: صنف أخر من النعال لها فراش وكساء من الجلد، انتقلت إلى المغرب من الأندلس وإلى منطقة الأطلس من مدينة فاس، وتعد من لوازم اللباس الوطني.

تُعرف الشعوب ليس فقط من خلال درجة تقدمها العلمي والاقتصادي، وإنما أيضا من خلال درجة المحافظة على أصالتها وخصوصياتها الثقافية. ويعتبر اللباس من المظاهر الجلية لهذه الهوية التي تدخل في نطاق ما يطلق عليه بالتراث الوطني. إلا أن هذه الهوية تتعرض باستمرار لعوامل التأثير والتغيير، مما يفقدها تدريجيا طابعها الأصلي. وإذا كان اللباس البدوي بالمغرب يُشهد له بالتميز والثبات أمام موجات الموضة؛ فإنه مع الأسف يعيش في الظل ولم يحظ بالعناية الكافية، سواء من حيث إدراجه في المقررات الدراسية، أو من حيث دمجه في مشاريع التنمية القروية. وانطلاقا من هذا المعطى أصبح لزاما أن ينال هذا الصنف من تراثنا الوطني ما يستحقه من اهتمام وفق المقترحات التالية:

• ضرورة المحافظة على هذا التراث الذي لا زالت العديد من البوادي المغربية تعتز به وتعتبره أحد مكونات شخصيتها، وذلك بدعم البرامج المهتمة به والتي تدخل ضمن السياحة الثقافية والدراسات الجامعية والأفلام السينمائية وغيرها؛

• توظيف وإدماج هذا التراث في مسار التنمية المحلية؛

• خلق تخصصات ومسالك داخل شعبة التاريخ تهتم بالتراث المغربي الغني والمتنوع.

————————————–

1. عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة.

2. الحسن بن علي اليوسي، مصدر سابق، ص: 80.

3. الإمام مالك بن أنس، الموطأ، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، 2000، ص: 271.

4. Besancenot Jean: op-cit planche E: 3.

5. Besancenot Jean: op-cit planche E: 4.

6. Besancenot Jean: op-cit planche E: 11.

7. Besancenot Jean: op-cit planche E: 5.

8. Besancenot Jean: op-cit planche E: 7.

أرسل تعليق