Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

تعليق واحد

..الأثر الصوفي في مجال الحديث

4. الجهود العلمية

اعتنى الصوفية المغاربة بالعلوم المختلفة، وعملوا على حفظها ودراستها، وتدريسها ونشرها، وكانت للزوايا وما تزال آثار مجيدة ومفاخر عظيمة في الحفاظ على هذه العلوم، حيث احتلت العلوم الشرعية المرتبة الأولى من حيث الاهتمام، كعلم العقيدة، وعلوم القرآن، وعلوم الحديث، كما اهتموا بجمع الكتب ونوادر المخطوطات فأسسوا مكتبات ضخمة واهتموا بتشييد المدارس والمعاهد، ومحل سكنى الطلبة، مع الاهتمام بشؤونهم..

ب. عنايتهم بالحديث النبوي الشريف

كان للزوايا وشيوخ التصوف عناية تامة بالسنة النبوية الشريفة تدريسا ومدارسة، وتأليفا، وتحققا، على المستوى السلوكي والذوقي والوجداني، وكان لهم الأثر البالغ، والسعد الفاخر في نهضة هذا العلم وانتشاره، في الوقت الذي يعرف فيه أفولا، ومن نماذج الزوايا نذكر الزاوية الدلائية، والفاسية، والعياشية، والناصرية، والكتانية، والصديقية.

أ. الشيخ محمد بن أبي بكر الدلائي (تـ1046هـ)

هو الشيخ أبو عبد الله محمد ابن الشيخ  أبي بكر بن محمد ابن سعيد المجاطي الصنهاجي، ولد رضي الله عنه تقريبا سنة سبع وستين وتسعمائة، وتوفي في صلاة العصر من يوم الأربعاء الحادي عشر من رجب سنة ست وأربعين وألف.

وهو من بين الشيوخ الثلاثة الذين أحيوا العلم بالمغرب. وفي ذلك يقول القادري: “لولا ثلاثة لانقطع العلم من المغرب في القرن الحادي عشر لكثرة الفتن التي ظهرت فيه، وهم: سيدي محمد بن أبي بكر في ملوية من بلاد فزاز، وسيدي محمد بن ناصر في الصحراء، وسيدي عبد القادر الفاسي بفاس”[1]، وذلك أن هذه الفترة بالذات تتميز بعدم الاستقرار، السياسي والأمني، حيث شهدت مجموعة من المدن كفاس ومراكش غليانا، “حتى تعطلت صلاة الجمعة في القرويين فضلا عن مجالس العلم، وظلت الزاوية الدلائية في هذه الفترة الحالكة من تاريخ المغرب تقوم بدورها المشرف في احتضان الثقافة العربية، والمحافظة على التراث العلمي والديني، تفسح صدرها الرحب للعلماء والطلاب من مختلف الآفاق، وتنفق من سعتها بغير حساب”[2].

والمطلع على سيرة هذا الرجل العظيم محمد بن أبي بكر الدلائي يجدها حافلة وزاخرة بالعطاء العلمي المنقطع النظير، فقد وقف حياته في سبيل العلم، وخاصة علمي التفسير والحديث، وكانت مجالسه مورد الطلبة والعلماء على حد سواء، فأحيا الله به ما اندرس من العلوم، وفتح به على أهل البصائر كل الفهوم، قال الحوات في البدور: “وكان مُعمراً أوقاته النهارية وزُلفاً من الليل بتدريس العلوم وإقرائها، على سنن المحققين الراسخين من علمائها، إِقْراء بحث واستنباط، وتحصيل وارتباط، وبناء الفروع على الأصول، وجمع النظائر تسهيلا للوصول، عارفا بطرق الاستدلال من الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستصحاب”[3].

وكانت دروسه الحديثية متميزة جدا، وموضع إعجاب وتقدير، من طرف العلماء فضلا عن الطلبة، بحيث “لم يأل جهدا في التصحيح والترجيح، والتحسين والتقبيح، مزيفا لحجج أهل البدع والأهواء، مقويا لآراء أهل الحنفية البيضاء، مع الحفظ والضبط والإتقان”[4].

يتبع في العدد المقبل..

————————————————-

1. نشر المثاني، 4/1640.

2. الزاوية الدلائية ودورها الديني والعلمي والسياسي، محمد حجي، ص: 82.

3. البدور الضاوية، 1/162.

4. نفس المصدر، 1/162.

التعليقات

  1. ابراهيم

    ماشاء الله

أرسل تعليق