Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

ولأن تصحب جاهلا لا يرضى عن نفسه خير لك من أن تصحب عالما يرضى عن نفسه

      في هذه الحكمة المباركة يجلّي الشيخ بن عطاء الله السكندري رضي الله عنه وأجزل مثوبته مفهوما في غاية الأهمية، مفاده أن لباب العلم هو عدم الرضى عن النفس؛ لأن الرضى عن نفسه مؤذن بالتوقف عن تزكيتها وتكميلها، وإذ إنه لا حدّ لتكميل النفس فلا توقف عن تزكيتها “واعبد ربك حتى يأتيك اليقين” [سورة الحجر، الآية: 99]، خصوصا وأن رب العزّة سبحانه وتعالى قد أكرم أمة الختم بأن جرّد أمامها أسوة لا تضل بعدها “لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا” [سورة الأحزاب، الآية: 21]، وإذ إنه عليه الصلاة والسلام تجسد أصفى لأعلى مراتب الكمال البشري الممكن أبداً، لقول الله تعالى في حقه: “وإنك لعلى خلق عظيم” [سورة القلم، الآية: 4]، فإن ذلك يفيد أن تيمم شطر قبلة كماله الشريف عليه الصلاة والسلام لا حدّ له، وإذا استحضرت إزاء هذه الحقيقة الكريمة ثلاثة عناصر؛

      أولها: أن الإنسان ليس في معزل عن الغواية “إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم” فلا مأمن؛

      وثانيها: أن كل إنسان يكن في طوايا نفسه استعدادا للعجب؛

      وثالثها: النسيان للذكرى وللنذر ولعداوة الشيطان، ولجدّية الأمر.

      فإنه يتضح أن الرضى عن النفس أمارة على جهل الإنسان بطبيعته، وكذا بوظيفته المركزية التي بيَّنها ربُّ العزة في قوله تعالى: “ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دسّاها” [سورة الشمس، الآية: 7-12].

      وإذ قد تبيّن أن الرضى عن النفس كف عن تزكيتها، فإنه إذن تخلّ عن الوظيفة المركزية سالفة الذكر بما أنه اقتحام لعقبة درب العجب المردي. وما أجمع وأوضح قول الشيخ رضي الله عنه بهذا الصدد: “فأي علم لعالم يرضى عن نفسه؟ وأي جهل لجاهل لا يرضى عن نفسه؟.

      في هذه الحكمة أيضا إشارة مشرقة إلى كون الصحبة إكليلا وجب ألاّ يوضع إلاّ على الهام التي تستحقّه، مع بيان المعيار الأساس الذي هو عدم الرضى على النفس باعتباره صمام الأمان دون العُجب، وبقول الشيخ ابن عطاء الله رحمه الله “لأن تصحب عالما يرضى عن نفسه” فقد بيّن أمرين جليلين:

      أولهما: أن الجهل لا شكّ دون العلم، فإذا كانت فضيلة العلم محلاّة بعدم الرضى عن النفس فذلك غاية المنى؛

      وثانيهما: أن فضيلة العلم على جلالة قدرها تضمحل تحت مفعول حامض رذيلة الرضى عن النفس.

      والله المستعان.

الأمين العام

للرابطة المحمدية للعلماء

أرسل تعليق